حكم صلاة الجنازة بدون صلاة الفرض جماعة أو لم يصليها أصلا
السؤال
أريد أن أعرف حكم من صلى صلاة الجنازة بعد العصر ولكنه لم يدرك صلاة العصر جماعة، أي صلاها في البيت وذهب مع الجنازة، هل صلاته مقبولة ؟ وهل من فاتته صلاة العصر في المسجد وفي البيت ، وخاف أن تفوته صلاة الجنازة، فهل صلاته على الجنازة مع الناس مقبولة، أم إنه يتوجب عليه صلاة الفرض مسبقا !؟ وهل يشترط صلاة جنازة واحدة في اليوم أم أن الإنسان إن أتى إلى المقبرة يصلي ما شاء من جنازة - حدثت في ذلك اليوم - ولا يشترط العدد ؟!
125 - ملف رمضان
الجواب
الحمد لله.
أولا :
لا يشترط لصحة صلاة الجنازة أن تصلى الفريضة قبلها في الجماعة ، فلو صلى رجل على الجنازة ، بعدما صلى العصر في بيته ، أو كان قد فاتته صلاة العصر مع الجماعة ، فبدأ بالصلاة على الجنازة ، ثم صلى بعدها العصر : فلا حرج عليه في ذلك كله .
وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : إذا دخل الرجل إلى المسجد وقد فاتته الصلاة المكتوبة مع الإمام ، وقد قُدِّم الميت للصلاة عليه : هل يُصلِّي مع الإمام على الجنازة ، أم يُصلِّي المكتوبة؟
فأجاب :
"يُصلِّي مع الإمام على الجنازة ، لأن المكتوبة يمكن إدراكها بعد، أما الجنازة فإنه سوف يُصلَّى عليها ، ثم ينصرفون بها" انتهى .
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (17/115) .
ثانيا :
يشرع للمسلم أن يصلي على ما شهده من الجنائز وإن كثرت ، وقد رتب الشارع على ذلك أجرا عظيما ، لا ينبغي لمسلم أن يفرط فيه .
روى البخاري (1325) ومسلم (945) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ . قِيلَ : وَمَا الْقِيرَاطَانِ ؟ قَالَ : مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ ) رواه البخاري (1325) ومسلم (945) .
ولما بلغ ابن عمر هذا الحديث ، وكان يتبع الجنازة حتى يصلي عليها ، ثم ينصرف قبل الدفن : ضَرَبَ ِبحَصَى كَانَ فِي يَدِهِ الأَرْضَ ، ثُمَّ قَالَ : ( لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ ) رواه مسلم (945).
فهذا الحديث يرغب في الصلاة على الجنازة ، فكلما أكثر المسلم منها فهو خير له .
وقد ورد ترتيب الأجر التام ، في شهود الجنازة ، على من حضرها تشييعها تاما ، من حين تخرج من بيت أهلها الذي كانت فيه ، حتى يفرغ من دفنها ، ومن نقص من ذلك ، فبحسب ما صنع .
روى أحمد في مسنده (11218) ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَنْ جَاءَ إِلَى جَنَازَةٍ فَمَشَى مَعَهَا مِنْ أَهْلِهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ انْتَظَرَ حَتَّى تُدْفَنَ، أَوْ يُفْرَغَ مِنْهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ مِثْلُ أُحُدٍ ) .
وصححه الشيخ الألباني في "أحكام الجنائز" (67) .
وقد سئل الشهاب الرملي ، الشافعي رحمه الله :
عن شخص يمكث نهاره بموضع ، يصلي على كل جنازة حضرت لذلك الموضع المعين للصلاة عليها ، فهل يكون محصلا للقيراط الذي عينه صلى الله عليه وسلم لمن صلى عليها ، وشيّع ، بقدره أم يكون أقل منه لكونه ماكثا ؟
فأجاب : بأن القيراط الحاصل لمن صلى عليها ، على الوجه المذكور : أقل من القيراط الحاصل لمن شهدها من مكانها حتى صلى عليها ...
ويتعدد القيراط بتعدد الجنائز ، وإن اتحدت الصلاة عليها ؛ لأن الشارع ربط القيراط بوصف ، وهو حاصل في كل ميت ؛ فلا فرق بين أن يحصل دفعة أو دفعات " انتهى من "فتاوى الرملي" (2/45) .
وينظر : "فتح الباري" لابن حجر (3/197) .
وينظر في ذلك جواب السؤال (67804) .
فاحرص أخي المسلم على الصلاة على كل جنازة تراها ، ولو تكرر ذلك في اليوم عدة مرات ،
ولا تحرم نفسك هذا الفضل العظيم والخير العميم .
والله أعلم .