إذا جاء الرسول إلى مصر سيزور آل البيت.
فى مصر يعيش الآن 10ملايين شريف ينتسبون إلى الشجرة النبوية، غالبيتهم يتمركزون فى الوقت الحالى بمحافظة أسوان، وهم من الجعافرة الصادقيين، والأدارسة الحسينيين، وبعض العقيليين، وبعض الجعافرة الطيارين. وفى محافظة قنا، ينتسب أغلبية الأشراف إلى الإمامين الحسن والحسين، ونحو 75٪ بمحافظة سوهاج، والبقية فى محافظات البحر الأحمر والوادى الجديد وأسيوط والمنيا وبنى سويف والجيزة والقاهرة والقليوبية. وفى محافظة الشرقية بكثرة، والسويس وقنا وكفر الشيخ والبحيرة والإسكندرية ومرسى مطروح والمنصورة وسيناء.
لكن، كيف بدأ النسب الشريف، وما هى قصة قدوم أهل البيت النبوى إلى مصر، وكيف انتشروا بين ربوع البلاد من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، وكيف يعيشون الآن؟.. هذه الأسئلة نتعرف عليها بالتفصيل من خلال مخطوطة نادرة يعود تاريخها إلى عام 1920م.
المخطوطة كتبها الشيخ حسن عبدالرحيم عمر الشريف الحسينى الفراسى، وترجع إلى ما يعرف ب«الشجرة الشريفة» التى ألفها محمد بن رسول البرزنجى على يد الشريف أحمد بن سليمان أمير مكة المكرمة من ذوى زيد مدة السلطان العثمانى أحمد خان، وفى مدة أحمد العيدروسى من أبناء جعفر الصادق.
المخطوطة محرمة على من يقرأها وهو جنب، وهذه الشجرة جميع ما فيها نالوا الشرف بنص القرآن والسنة النبوية.
∎ بداية النسب الشريف
نقرأ فى المخطوطة التى اختار لها كاتبها عنوان «نسب الأشراف آل الحسين»، أن الإمام على بن أبى طالب- كرم الله وجهه- ولد يوم الجمعة 13 محرم، وقيل رجب سنة 30 من عام الفيل داخل المسجد الحرام، ولم يولد فى البيت الحرام غيره. وتزوج بفاطمة- رضى الله عنها- فى شهر رمضان فى السنة الثانية من الهجرة، وبنى بها فى ذى الحجة من السنة نفسها، فأنجبت السيدين الشريفين القمرين النيرين (الحسن والحسين)، وعبدالمحسن مات صغيرا، وأم كلثوم وزينب، ورقية ماتت صغيرة، ولم يتزوج الإمام على رضى الله عنه على فاطمة حتى ماتت وكانت أولى أزواجه، وولد سيدنا الحسن فى منتصف رمضان سنة 3 من الهجرة.
أما باقى أولاد الإمام على- من غير السيدة فاطمة- فمنهم محمد الأكبر بن الحنفية، من زوجته خلوة بنت جعفر بن قيس الحنفية.. ومن أبنائه أيضا عبدالله، الذى قتله المختار بن عبيد.. ثم أبو بكر وقتل مع الحسين وأمهما أم البنين بنت خزام الواحدية الكلابية.. ومحمد الأصغر قتل مع الحسين وأمه أم الولد.. ويحى وعون وأمهما أسماء بنت عميس.. وعمر الأكبر أمه أم حبيب الصهبا الثعلبية من سبى المردة.. ومحمد الأوسط أمه أمامة بنت أبى العاص.
وتسرد المخطوطة أسماء البنات اللواتى من غير السيدة فاطمة رضى الله عنها، وهن رقية شقيقة عمر وأم الحسن.. ورملة الكبرى أمها بنت سعد بن عروة بن مسعود السقفى.. وميمونة ورملة الصغرى، وزينب الصغرى، وأم كلثوم الصغرى، وفاطمة وأمامة، وخديجة وأم الخير وأم سلمة، وأم جعفر وجمانة.
ومن أولاد الإمام على، فهم الحسن والحسين ومحمد الأكبر، وعمر والعباس، ومن النساء السيدة زينب أخت السبطين من فاطمة الزهراء رضى الله عنها وعنهم أجمعين.
∎ الحسن والحسين
ثم تولى بعد أبيه الحسن، وكره سفك الدماء، مصداقا لقول جده صلى الله عليه وسلم: «ابنى هذا سيد، ويصلح الله به بين فريقين عظيمين من المسلمين»، رواه البخارى.
ونزل الحسن رضى الله عنه، عن الخلافة فى ربيع الأول سنة 41 هجرية، ابتغاء وجه الله، وعوض الله تعالى عنها وأهل بيته الخلافة الباطنية واشترط على معاوية أن يمكنه من بيت المال ليأخذ حاجته فرضى معاوية بذلك.
وتزوج الحسن 60 امرأة وارتحل إلى المدينة وأقام بها هو وأولاده 15 سنة ما بين ذكور وإناث. إلى أن توفى لخمس خلت من شهر ربيع الأول سنة 50, ودفن بالبقيع وكان عمره 47 عاما.
وننتقل إلى الإمام الحسين السبط- رضى الله عنه- وتذكر المخطوطة أن أمه فاطمة الزهراء بنت النبى صلى الله عليه وسلم، تاريخ ميلاده سنة 4 من الهجرة، وكانت أمه حملت به بعد أن ولد أخوه الحسن بخمسين يوما، فلما كبر تزوج فولد له سبعة أولاد ما بين ذكور وإناث. ولم يعقب منهم أحد سوى على زين العابدين.
واستشهد الإمام الحسين وأصحابه من آل البيت سنة 61 هجرية فى يوم الجمعة العاشر من المحرم وسمى هذا العام عام الحزن، وكان عمره 56 عاما.
∎ أفواج أهل البيت إلى مصر
سألت حفيد صاحب المخطوطة، الشيخ أحمد زكى الشريف مدير عام سابق بالأزهر عن قصة قدوم آل البيت النبوى إلى مصر، فقال إن أول فوج قدم إلى مصر هو فوج السيدة زينب، وكان معها الإمام على زين العابدين بن الإمام الحسين، وفاطمة النبوية بنت الإمام الحسين، والسيدة سكينة عام 61هـ.
حدث ذلك بعد مقتل الإمام الحسين، رضى الله عنه، وصدور أوامر بنى أمية بهجرتها، فجاءت السيدة زينب وتلقاها والى مصر مسلمة بن مخلد، وأعطاها داره، وبه دفنت فى حجرتها بقناطر السباع والذى عرف بحى السيدة زينب، حيث توفيت فى 15 رجب من سنة 62هـ.
أما والى المدينة المنورة- قبل المنصور- الإمام الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الإمام الحسين، فقدم إلى مصر بعد أن فتن عليه رجل اسمه أبو ذئيب وسجن وخرج من السجن، ثم جاء ومعه السيدة نفيسة زوجة إسحق المؤتمن سنة 159 هـ، وظلت بمصر وماتت بها ودفنت فى قبرها فى المقام المعروف حاليا بمسجد السيدة نفيسة. وفى الفوج الثالث السيدة عائشة بنت جعفر الصادق.
بعد ذلك توافد الأشراف إلى مصر من الحجاز والعراق والمغرب، ومنهم السيد البدوى الذى جاء جده «على» من المغرب إلى مكة ثم إلى مصر ودفن بطندتا «طنطا الحالية»، ثم الأمير يوسف المغربى أمير مكة سنة 537هـ، وجاء إلى مصر وصار أميرا بكوم الخنزير- كفر الأشراف حاليا بمحافظة الشرقية- ومات ودفن بها.
وهناك أيضا فوج سيدى عبدالرحيم القنائى الذى جاء من المغرب إلى الحجاز ثم إلى قنا بمصر ومات فيها، ثم فوج السيد محمد أبو جعافر بن الأمير يوسف المغربى المولود سنة 558هـ.
وأصبح فى جميع بلدان القطر المصرى نسل الإمام الحسن «الحسنيين»، وأبناء الإمام الحسين «الحسينيين»، وأبناء جعفر الطيار، وأبناء عقيل بن أبى طالب، وأبناء العباس بن عبدالمطلب، وأبناء الحارث.
وممن وفد من المغرب إلى مصر سيدى أبى الحسن الشاذلى وذرية عبدالعزيز بن مشيش.
وبهذه المناسبة، يتذكر السيد قاسم شهاب الشريف، قائلا إنه فى إحدى زياراته لسيدى أبوالحسن الشاذلى، بعد أن نزلنا من السيارات وكنا فى طريقنا للاستراحة، جاءنى إيحاء بأن شخصا ما يكلمنى، ويقول لى: «لو سئلت عن أبا الحسن الشاذلى فهو قطب الوجود وإمامه إلى قيام الساعة»، فنظرت يمينا وشمالا اعتقادا منى أن واحدا يكلمنى فلم أجد أحدا، ثم كرر الهاتف نفس الجملة. ويضيف السيد قاسم أن هذه المقولة أخذتها عهداً على نفسى وكتبتها على شبكة الإنترنت فى أحد لقاءاتى، وهى حقائق من الأولياء والصالحين من آل البيت الذين نزلوا إلى مصر.
∎ الأشراف
ويذكر السيد أحمد زكى الشريف أن العباسيين هم أول من أنشأ نقابة للأشراف وشملت جميع بنى العباس، ثم أنشئت نقابة لآل الأشراف من ذرية الحسن والحسين.
وحينما جاء الفاطميون إلى مصر أنشأوا نقابة الأشراف تخص أبناء (الحسن والحسين)، ومحمد بن الحنفية بن على بن أبى طالب، وكان يرأس تلك النقابة المعز لدين الله الفاطمى، وبقيت حتى زالت دولة الفاطميين، وضمت النقابة للطرق الصوفية، وكان السيد البكرى وهو ليس من ذرية الحسن والحسين نقيبا للأشراف.
وفى عهد محمد على باشا، كان السيد عمر مكرم نقيبا للأشراف، الذين اختاروا محمد على واليا على مصر، لكنه تنكر لهم ونفى مكرم إلى دمياط.
وبعد ثورة 23 يوليو 1952, صدر قرار بتجميد نقابة الأشراف تحت بند إذابة الفوارق بين الطبقات، وهو ما يراه السيد أحمد زكى الشريف قرارا مجحفا بحق الأشراف، فهم ليسوا متعالين على الناس بل هم من خيار الناس ومعدنهم أصيل كشجرة أصلها ثابت وفرعها فى السماء.
ثم قامت الأشراف كنقابة منظمة مرة أخرى لتشمل الأشراف فى العالم الإسلامى كسلالة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وكان أول نقيب بعد العودة هو الحسين النسيب السيد محمود أحمد كامل ياسين، ثم تولاها أخوه السيد أحمد كامل ياسين.
ثم آلت للسيد الشريف السيد محمود أحمد حسين من أشراف مدينة إخميم بسوهاج، ويحاول أن ينهض بالنقابة لتقوم بواجبها فى الدعوة إلى الله تعالى، ولم شمل الأشراف.
ويقول السيد قاسم شهاب الشريف تعزيزا لما يقوم به سماحة نقيب الأشراف السيد السيد الشريف السيد محمود أحمد حسين الشريف، نقيب السادة الأشراف نسأل الله تبارك وتعالى التوفيق والسداد والرشاد فى خدمة الإسلام وذرية سيدنا محمد صلى الله عليه وآليه وسلم.
∎ كيف يمكن التعرف على الشريف؟
يحكى السيد قاسم عن أحد الصالحين الأولياء محمد عبدالباعث، والده كان لهم مقام كبير فى الإسكندرية،يعرف أن المنتسب إلى الرسول له علامات، يعرف الشريف، عندما قابلنى فى مسجد مولانا الحسين بالقاهرة بدون سابق معرفة قال لى أهلا بابن حيدرة، وهو سيدنا الإمام على. وفى سيدى أبو الحسن أحد الصالحين قال لى وحياة سيدك رسول الله ادعى لى، قالوا كيف عرفت قال عرفته فى بداية خلق الخلق فى عالم الأرواح.
ومن جانبه يقول السيد أحمد عبدالكريم الشريف: رغم المحن إلا أنها الثمرة الطيبة والبركة المرجوة والنعمة على مصر، ويضيف أن الشيخ محمد صالح الجعفرى، قال لو جاء النبى إلى مصر فأول مكان يزوره آل بيته، لأنهم شجرته وأحفاده وظله إلى المصريين، ثم يزور الأزهر الشريف لأنه منبع العلم والقرآن والحديث، ثم يزور باقى المصريين لحبه لآل البيت.
الله أكرم مصر بها وستظل مصر محفوظة بوجود سلالة نبينا المصطفى إلى يوم القيامة.
وننتقل إلى منشد جلسات الذكر أحمد الشرفا، الذى قال: نحن نتغنى بحب آل البيت فى كل وقت لأنهم يذكروننا برسول الله وحبهم يصل إلى شعاب قلب المصطفى. فلا شك أن من يحب أل البيت سيصل ذلك الحب إلى الرسول، ومن يعاديهم فهو يعاديه، وهم يتسحقون التوقير والاحترام.
لا أحد أعطى للعالم مثلما أعطى آل البيت، هم عبارة عن أقمار متلألئة فى العالم مثل مصابيح الإنارة، ولذلك وزعهم الله تعالى فى الأصقاع، بصلواته وبعادته وأدبه وأخلاقه.
وروى الإمام مسلم فى صحيحه عن النبى: «إنى خلفت فيكم الثقلين إن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتى أهل بيتى»، ثم حث على أهل بيته، فقال ثلاث مرات «أذكركم الله فى أهل بيتى».
ويستمر الشيخ أحمد زكى فى الحديث قائلاً إن الرسول قال: نحن آل محمد لا تحل علينا الصداقات. لكن ممكن أن يعطى أغنياء الأشراف لفقيرهم، لأن الصدقة عبارة عن أوساخ الناس «خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها»، ولذلك فإن الزكاة بالنسبة للشريف مثل أكل المتية.
∎ مطالبات الأشراف
ويذكر السيد أحمد زكى الشريف، أن المطلوب للأشراف كالآتى:
- قانون يصدر من رئاسة الجمهورية بجعل 10٪ من وظائف الدولة خاص بالأشراف فى التعليم والطب والنيابة والقضاء والجيش.
- إنشاء مستشفى خاص بالأشراف على غرار التأمين الصحى يعالجون فيه بأجر رمزى والدخول بكارنيه النقابة.
- جعل جزء من المساكن فى الدولة للأشراف.
- جعل راتب للشريف من الدولة ليعيش به.
- جعل جواز سفر مشترك مصرى سعودى ليزور الأشراف جدهم بالمدينة المنورة، ولهم حق الإقامة والتملك فى الدولة السعودية، لأنها فى الأساس بلد جدهم صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى الدولة السعودية أن توفر ذلك.
- جعل 10٪ من التعيينات للأشراف فى الشرطة والحربية والفنية العسكرية.
الطعن فى نسب الأشراف من أكبر الكبائر كالزنا والقتل وشرب الخمر، قال تعالى «ادعوهم لآبائهم».. سورة الأحزاب. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الناس مؤتمنون على أنسابهم».
وفيما يتعلق بحكم من أبغض آل البيت، روى عن الإمام على كرم الله وجهه، أنه قال لمعاوية بن أبى سفيان: إياك أن تبغضنا فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنه من يبغضنا نحن آل البيت يذب عن الحوض بسياط من نار».∎