مسجد السيدة نفيسة.. أول مساجد "آل البيت" في مصر
"بلد الألف مئذنة"، مقولة اشتهرت بها العمارة الإسلامية في القاهرة، لكن الواقع الآن في العاصمة المصرية يشير إلى عدد أكبر بكثير.
في يونيو/حزيران 2020، أعلنت وزارة الأوقاف ارتفاع أعداد المساجد الرسمية في القاهرة إلى 2475 مسجداً، و2485 زاوية (مسجداً صغيراً).
مسجد الرفاعي.. تحفة معمارية ومقبرة ملكية في قلب القاهرة
وقال وزير الأوقاف محمد مختار جمعة إن عدد مساجد مصر يتجاوز 140 ألف مسجد وزاوية، بينما يبلغ عدد المساجد الجامعة أكثر من 100 ألف مسجد.
ومن الأزهر والحسين والسيدة نفيسة إلى الرفاعي والسلطان حسن وابن طولون، تشتهر القاهرة بمساجد أيقونية تبرهن على براعة عمارتها منذ فتحها على يد المسلمين عام 20 هجرية.
مسجد السيدة نفيسة
يعد مسجد السيدة نفيسة أحد أعرق المساجد التاريخية بالقاهرة؛ لأنه يضم مقام السيدة نفيسة بنت الحسن، حفيدة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ويقع المسجد في منطقة السيدة نفيسة بحي مصر القديمة وسط القاهرة، وهو أول مساجد "آل البيت" في مصر، التي تضم مساجد: السيدة زينب والحسين والسيدة عائشة والسيدة سكينة والسيدة رقية وغيرها.
وعندما جاءت السيدة نفيسة إلى مصر، نزلت في دار تقع بشارع شجرة الدر بالمنطقة المعروفة حاليًا باسمها، ولما ضاق عليها الدار وشغلها الناس عن العبادة أرادت أن ترحل إلى بلاد الحجاز لولا تدخل حاكم مصر.
وكان حاكم مصر وقتها هو السّري بن عبدالحكم، فسألها عن سبب انزعاجها، فحكت له، فأمر بتخصيص يومين في الأسبوع لزيارتها من قبل أحباب "آل البيت"، وخصص لها دارا قبل أن يتحول إلى مشهدها ومسجدها.
تاريخ المقام والمسجد
ويقول المؤرخ المسلم أبو العباس المقريزي إن أول من بنى على قبر السيدة نفيسة في القاهرة هو عبيد الله بن السري، والي مصر للدولة العباسية، وأعيد بناء الضريح فى عهد الدولة الفاطمية وأضيفت له قبة.
ويضيف في كتابه "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار" أن تاريخ البناء مدون على لوح رخامي على باب الضريح، عليه اسم الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، وأعيد بناء القبة في عهد الخليفة الحافظ لدين الله.
وجاء ذلك بعد تعرض المسجد والقبة لتلفيات وتصدعات، وأمر الحافظ لدين الله بكساء المحراب بالرخام عام 1138، حتى أمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون بإسناد نظارة المشهد النفيسي للخلفاء العباسيين.
الخديوي عباس حلمي الثاني
وتشير الروايات التاريخية إلى دور الخديوي عباس حلمي الثاني في تأسيس مسجد السيدة نفيسة بالقاهرة على شكله الحالي، حين أمر بإعادة بنائه وتوسعته عام 1897، بعد تعرض المقام لحريق هائل عام 1892.
وعن تخطيطه المعماري، فيتوسط وجهة المسجد الرئيسية مدخل بارز ومرتفع تعلوه قبة على الطراز المملوكي، ويؤدي إلى دركاة، وهو حيز شبه مربع مسقوف بالخشب ومنقوش بزخارف عربية بارزة.
ويتوسط جدار قبلة مسجد السيدة نفيسة محراب، وعلى يمينه باب يؤدي إلى ردهة مسقوفة تصل إلى ضريح وقبر السيدة نفيسة الذي تعلوه مقصورة نحاسية، فيما تعلو الضريح قبة ترتكز على 4 أركان كبيرة.