ما هو السبب في تعدّد زوجات الرسول صلّى الله عليه وآله ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
السؤال : بعض العلماء المسيحيين يطرحون شبهات عن خير الخلق أجمعين الرسول الأمين ، ومن ضمن هذه الشبهات هو تعدّد زوجات الرسول ، إذ يقولون : إنّ النبي تزوّج لغرض الشهوة والإنسان المعصوم لا يتزوّج لتسعة مرّات وهذا شيء غير منطقي ، وكذلك يقولون : إنّ هذا ظلم أن يتزوّج شيخ من فتاة صغيره لا تفهم معنى الزواج بالشكل الصحيح كزواج الرسول وهو في الرابعه والخمسين من عمره المبارك من عائشة وهي فتاة صغيرة ، ولم يستطيع أحد أن يرد على هذه الشبهات بشكل كامل ومقنع ممّا أدّى إلى ايجاد ترديد وشكوك عند بعض إخواننا المسلين من الشيعه والسنّه ، فأرجو أن تجيبوننا بشكل كامل ، واضح ومفصل ، ومستند لرفع الشبه ، والرد على الشكاكين ، وإذا يوجد كتاب يخصّ هذا الموضوع أرجو أن تعرفوه لنا ؟
الجواب : بالنسبة للسؤال الأوّل : فإنّ الرسول الكريم صلّى الله عليه وآله لم يكن زواجه المتعدّد ناشيءاً من الشهوة ، والدليل على ذلك أنّه صلّى الله عليه وآله في السنّ الخامسة والعشرين ـ ذروة الشباب والقدرة الجنسيّة ـ ، قد تزوّج بخديجة وهي في سنّ الأربعين وكانت ثيّباً ، فهل يكون هذا الزواج المبارك ناشئاً من شهوة ؟!
الجواب ليس كذلك ، وإنّما كانت هناك أهداف عالية ينظر إليها الرسول صلّى الله عليه وآله ، وينظر إليها الله سبحانه وتعالى ، فيقدّر زواج النبي صلّى الله عليه وآله بخديجة ، وهي كما وصفنا من قبل من أجل نصر هذه الشريعة بأموال خديجة التي اخلصت للنبي صلّى الله عليه وآله ولرسالته.
أمّا بالنسبة للسؤال الثاني : الذي يقول إنّ الرسول صلّى الله عليه وآله ، وهو في سن الرابعة والخمسين قد تزوّج بعائشة ، وهي فتاة صغيرة.
فالجواب : إذا نظرت إلى سيرة الرسول وعمله في هذا الزواج كما تحدّثنا عائشة نفسها ليلة زفافها فتقول : رأيت منه شيئاً عجيباً ، ففي الليلة التي دخل عليّ ، فلمّا مسّني جسم طلب منّي الرخصة في قيامه للصلاة ، فأذِنتُ له فأخذ في صلاته ومناجاته.
هكذا كان الرسول ، ففي ليلة زفافه وزواجه يطلب الرخصة للتقرّب إلى الله بالصلاة ، أفهل يكون هذا الزواج منبعثاً من الشهوة أو أنّ له غاية أُخرى يحسب لها النبي صلّى الله عليه وآله ألف حساب ؟
نعم كان لهذا الزواج غاية أخرى ، فإنّ الرئيس يحتاج إلى ارتباطات ومصاهرات ليجمع حوله رؤساء القبائل ، وليوجههم الوجهة التي يريدها من خدمة الدين ونشره وتقويته بالرجال والمال والسلاح ، وهذا هو الذي يفسّر رخصة الله سبحانه لنبيّه الكريم في أن يتزوّج أكثر من تسع نساء ، وقد مات صلّى الله عليه وآله عن تسع نساء.
والخلاصة : إنّ النبي صلّى الله عليه وآله لا ينطق عن الهوى إن هو إلّا وحيٌ يوحى ، كما نطق بذلك القرآن ، فكذلك أعماله ليست عبثاً ، أو ناشئة من هوى ، إنّما هي لأجل مصلحة الرسالة ونشرها وتقويتها ، فكان يتصرّف بحكمة من أجل رسالته الإسلاميّة الخالدة ، فكان الارتباط بالعشائر والقبائل عن طريق المصاهرة لبعض رؤسائها ممّا يزيد الرسالة والدين قوّة ونشراً.
ثمّ إذا نظرنا إلى العصمة التي يحوزها النبي صلّى الله عليه وآله لا معنى للإصغاء إلى هذه الإشكالات ، فإنّ المعصوم لا يقدم على عمل محرم كالظلم ، ولا يقدم على شهوة له وفيها ظلم لغيره ، فلاحظ وتأمّل.