مخطوطة سيرافينى ( Codex Seraphinianus ) هي من أغرب الكتب في العالم على مر التاريخ و يعد من اكثر الكتب غرابة وغموضا وهو من تأليف الفنان والمصمم والمهندس المعماري الإيطالي "لويجي سيرافيني" المولود في روما سنة 1949 وقد بدأ في تأليفه وتصميمه وهو في السابعة والعشرين فقط من عمره عام 1976 واستغرق تأليفه 3 سنوات، وتم نشره عام 1981.
هو كتاب فني ساحر يخبئ بين صفحاته عالماً خيالياً مثيرا للإعجاب فهو لا يشبه أياً من كتب الفنون الأخرى وبمجرد رؤيته والتجول بين صفحاته تعتقد انه كتاب يعود لعصور وعهود قديمة جدا.
وكان يعد من أغلى الكتب في العالم عند نشره حيث بلغ سعر النسخة الورقية الواحدة منه 2000 دولار. ولكن بعد زيادة الطلب عليه وارتفاع شعبيته تم صياغته من جديد وإعادة نشره بسعر أقل مقارنة مع سعره الأول له وهو 125 دولار فقط، ليصبح بذلك في متناول القراء ومحبي الفنون وعشاق الغرائب.
“مخطوطة سيرافيني” هو كتاب خيالي مشفر كتب بلغة وأبجدية غريبة مشفرة، لم تكن موجودة من قبل وليست موجودة في يومنا هذا في أي مكان على كوكب الأرض، أبجدية مخترعة من عقل الكاتب، لا يمكن قراءتها ولا حتى فهم معانيها، الأمر الذي أضفى على الكتاب أهميةً وزاد من درجة غرابته.
الكتاب مكوّن من 360 صفحة مقسمة على أحد عشر فصلاً، كل فصل من فصولها يصوّر جانباً من جوانب الحياة في عالم سيرافيني الخرافي الخيالي الذي ابتكره.
فالفصل الأول فيه مخصص لعالم النباتات والذي يحوي على أنواع غريبة ليس لها نظير في دنيانا، والفصل الثاني مخصص لعالم الحيوانات والذي أيضاً يضم مجموعات عجيبة من الحيوانات التي ليس لها وجود في كوكب الأرض، والفصل الثالث يصوّر مخلوقات ثنائية القدمين كالبشر تعيش بينهم ومعهم ، والفصل الرابع يبحث في مجال الفيزياء، أما الخامس فيدور حول آلات واختراعات ذات أشكال هندسية معقدة تؤدي وظائف غير معروفة، والفصل السادس مخصص في علم الأحياء وتشريح الجسم البشري بشكل غريب، في حين أن السابع يبحث في تاريخ ذلك العالم الخرافي ، والثامن منه يدور حول الكتابة وأدواتها وأساليبها، والتاسع حول المأكولات في ذلك العالم وأزيائها، أما العاشر فيشرح الألعاب وطرق الترفيه هناك، لينتهي بفصل يضم مشاريع معمارية وأفكار هندسية.
صفحات الكتاب مزينة برسومات غريبة وصور مرسومة من وحي عقل المؤلف لا توحي بشيء رأيناه مسبقاً، رسومات بعضها تثير في الإنسان مشاعر الرهبة والخوف، وإلى جانبها نصوص تشرح ما هيتها وما ترمز إليه، ولكنها مكتوبة بلغة قام بابتكارها الكاتب مما يجعل من غير الممكن فهمها.
وهذا ما دفع بعض الناس إلى تكريس وقتهم لفهمه، فالفنانون حاولوا دراسة الرسومات التي فيه، والفلاسفة فكروا كثيراً في معنى النصوص التي تحويه، وخبراء فك التشفير جربوا مرات عديدة حل اللغز الذي بني عليه، ولكن دون جدوى. وكل هذا كان رغم إن المصمم نفسه كان قد صرح مرات عديدة إنه لا معنى من كتابه، ولا لغز يحتاج إلى حله يختبئ ورائه. وإنما هو مجرد “لعبة”.
وأوضح المصمم في لقاء له مع مجلة "وايريد " الإيطالية بأنه أراد بنشره لهذه الرسومات والأشكال بهذا الشكل للخروج من الدائرة المغلقة الضيقة للفن والشكل التقليدي للمعارض الفنية. ويقول: (إنك في الكتاب ترى ما تريد أن تراه، ربما تعتقد إنه يحدثك ولكن هذا مجرد خيال).
وحول ما كان يهدف إليه من خلال الأبجدية المبتكرة التي استخدمها في الكتاب يقول: (ما أردته من خلال الأبجدية التي استخدمتها هو إيصال ذلك الإحساس الذي يشعر به الأطفال -وبيديهم كتاب لا يفهمونه -للقارئ، لقد استخدمته لوصف عالم خيالي، والرسومات أيضاً نشأت من الصدام بين هذه الكلمات الوهمية والعالم الحقيقي).
الكتاب قد لا يحمل بين صفحاته أية معانى، قد لا يكون ذا مغزى وهدف، ولكن رغم ذلك يعتبر إبداعاً عقلياً ليس له مثيل، إبداعاً فنياً رائعاً يأخذ الناظر إليه والباحث فيه في رحلة خيالية رائعة، رحلة إلى عالم مبتكر بكل ما فيه من تفاصيل صغيرة، رحلة ممتعة مع رسومات غريبة تثير الدهشة أحياناً والرهبة والخوف أحياناً أخرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ