اليوم الثاني عشر :-
الشهيد/ زيد بن حارثة.. حِب رسول الله
الصحابي الوحيد الذي ذكر اسمه في القرآن، صاحب راية غزوة مؤتة، وهو الذي نقلت الملائكة خبر استشهاده الى الرسول صلى الله عليه وسلم
عاش زيد في بيت النبوة، وكان يدعى زيد بن محمد، فلما نزل قول الله تبارك وتعالى: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ) نسب إلى أبيه فدعي زيد بن حارثة الكلبي،
وهو أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الموالي، وهو الذي نزل فيه قوله تعالى: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) [الأحزاب:37]
أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة أعتقه ثم تبناه ثم زوجه حاضنته أم أيمن ثم زوجه ابنة عمته زينب بنت جحش، ثم أمره على جيوش، من جنودها أبو بكر وعمر وما بعثه في بعث إلا أمره عليهم فكان حقا عند حسن ظن رسول الله صلى الله عليه وسلم به وكان حقا جديرا بالإمارة وكيف لا؟ وهو تربية محمد بن عبدالله ؟
قِصَّة اسْتِشْهادِهِ معْروفة عندكم، فإن النبي عليه الصلاة والسلام عَيَّنَهُ القائِد الأول في جَيْش مؤتة, وتَعْلمون أنَّ مؤتة موْقِعَةٌ خاضَها المُسلمون, والنبي عليه الصلاة والسلام ليس معهم، كان اصحاب النبي ثلاثة آلاف ، ما قولكم بأنهم واجهوا أكثر من مائتي الف من الروم ؟
وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يودع جيش الاسلام الذاهب لملاقاة الروم في غزوة مؤتة ويعلن أسماء أمراء الجيش الثلاثة، قائلا: " عليكم زيد بن حارثة.. فان أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب.. فان أصيب جعفر، فعبد الله بن رواحة " .
ولم يكد المسلمون يطالعون جيش الروم الذي حزروه بمائتي ألف مقاتل حتى أذهلهم العدد الذي لم يكن لهم في حساب.. ولكن متى كانت معارك الايمان معارك كثرة..؟؟
هنالك أقدموا ولم يبالوا.. وأمامهم قائدهم زيد حاملا راية رسول الله صلى الله عليه وسلم، مقتحما رماح العدو زنباله وسيوفه، لا يبحث عن النصر، بقدر ما يبحث عن المضجع الذي ترسو عنده صفقته مع الله الذي اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة.
لم يكن زيد يرى حواليه رمال البلقاء، ولا جيوش الروم بل كانت روابي الجنة، ورفرفها الأخضر، تخفق أمام عينيه كالأعلام، تنبئه أن اليوم يوم زفافه..
وكان هو يضرب، ويقاتل، لا يطوّح رؤوس مقاتليه، انما يفتح الأبواب، ويفضّ الأغلاق التي تحول بينه وبين الباب الكبير الواسع، الي سيدلف منه الى دار السلام، وجنات الخلد، وجوار الله..
وعانق زيد مصيره ...
وكانت روحه وهي في طريقها الى الجنة تبتسم محبورة وهي تبصر جثمان صاحبها، لا يلفه الحرير الناعم، بل يضخّمه دم طهور سال في سبيل الله..
استشهد زيد بن حارثة في غزوة مؤتة في العام الثامن للهجرة، وكان النبي عليه الصلاة والسلام قد عينه القائِد الأول للجيش، وحزن على زيد وبكاه، فقال له سعد بن عبادة: ما هذا يا رسول الله؟، قال: «شوق الحبيب إلى حبيبه».