بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
ولد أحمد مطر عام 1956، ابناً رابعاً لأسرة فقيرة، تتكون من عشرة أخوة من البنين والبنات، في قرية "التنومة" إحدى نواحي (شط العرب) في البصرة، وهي كما يصورها تنضج ببساطة ورقة، وطيبة، وفقراً
وقد أمضى الشاعرطفولته وصباه في أحضان الفقر المدقع والحرمان والتعثر بالدراسة، فلجأ إلى مطالعة الكتب ليهرب من مطاردة الفاقة والإرهاب، ويكون من خلالها سلاح الكتابة والإبداع دفاعاً عن نفسه، وفي سن الرابعة عشر في أوائل السبعينات بدأ يكتب الشعر، ولم تخرج قصائده الأولى عن نطاق الغزل، والرومانسية والهيام والدموع والأرق، لكنه سرعان ما تكشفت له خفايا الصراع بين السلطة والشعب، من خلال عيون الناس وأحاديثهم والصحف والكتب والإذاعة والتلفزيون، ومن خلال ما يراه من رقابة المخبرين ورصدهم لكل صغيرة وكبيرة، فالمخبر في العالم كله سري إلا في العالم العربي
ولذلك ما كان من الشاعرإلا أن ألقى بنفسه في فترة مبكرة من عمره في دائرة النار، حيث لم تطاوعه نفسه على الصمت، ولا على ارتداء ثياب العرس في المأتم، فدخل المعترك السياسي من خلال مشاركته في الاحتفالات العامة بإلقاء قصائده من على المنصة، وقد كانت هذه القصائد في بداياتها طويلة، تصل إلى أكثر من مائة بيت، مشحونة بقوة عالية من التحريض، تنتقل من موضوع إلى آخر، تتمحور حول موقف المواطن من سلطة لا تتركه ليعيش، وقد دفع الشاعرثمن هذا الموقف من خلال مساءلته والتحقيق معه، مما قاده في النهاية إلى الكويت هارباً من مطاردة السلطة
وقد لجأ الشاعرإلى الكويت في فترة مبكرة من عمره، وهناك واجه حياة اللاجئ، الذي لا يسهل عليه أن يثبت هويته، فقد عاش هناك عدة سنوات لا يستطيع الحصول على رخصة القيادة، لأنه يرفض التنازل عن مواقف مبدئية كثمن للحصول على حقه الطبيعي في الحصول على أوراق رسمية تثبت هويته، وتسهل عليه الحصول على رخصة القيادة، ولذلك راح يسير على قدميه في بلد يمكن لفقير كادح فيه أن يمتلك سيارة، وقد عاش في بيت متواضع يكلفه إيجاره نصف مرتبه في بلد القصور والعمارات الفارهة
ثم راح يعمل في جريدة "القبس" الكويتية محرراً أدبياً وثقافياً، حيث مضى يدون قصائده، التي أخذ نفسه بالشدة من أجل ألا تتعدى موضوعاً واحداً، وإن جاءت القصيدة في بيت واحد، وراح يكتنز هذه القصائد، وكأنه يدون يومياته في مفكرته الشخصية، لكن سرعان ما أخذت قصائده طريقها من المفكرة إلى النشر الصحفي، حيث كانت (القبس) الثغرة التي أخرج الشاعرمنها رأسه، وباركت انطلاقته الشعرية الانتحارية، وسجلت دون خوف لافتاته الشعرية، وساهمت في نشرها بين القراء
وفي رحاب (القبس) عمل الشاعرمن ناجي العلي، ليجد كل منهما في الآخر توافقاً نفسياً واضحاً، فقد كان كل منهما يعرف غيباً أن الآخر يكره ما يكره، ويحب ما يحب، وأن ما يثير غضبه يثير غضب صديقه وكثيراً ما كان يتفقان في التعبير عن قضية واحدة دون اتفاق مسبق، إذ إن الروابط بينهما تقوم على الصدق والعفوية والبراءة وحدة الشعور بالمأساة، ورؤية الأشياء بعين مجردة صافية، بعيدة عن مزالق الأيدلوجيا، أو مكاسب وأرباح الأحزاب، أو المنظمات أو السلطة، وقد كان أحمد مطر يبدأ الجريدة بلافتة من لافتاته في الصفحة الأولى، ويختمها ناجي العلي بلوحة من رسوماته في الصفحة الأخيرة، وقد ترافق الاثنان من منفى إلى منفى، وفي لندن (جهنم الباردة) فقد أحمد مطر صديقه رسام الكاريكاتير، ليظل بعده نصف ميت، وعزاؤه أن ناجي مازال معه نصف حي لينتقم من قوى الشر بقلمه وريشته
وتتكرر مأساة الشاعرفي الكويت، فلهجته الصادقة، وكلماته الحادة لا تُرضي السلطات، ولافتاته الصريحة تؤدي به في النتيجة إلى النفي والإبعاد
وينتقل الشاعرفي مطلع عام 1986 إلى لندن، ليعمل هناك في مكاتب "القبس" الدولي، ويسافر منها إلى تونس، ويجري اتصالات كثيرة بعدد من الكتاب التونسيين، لكنه يستقر في لندن، ليمضي الأعوام الطويلة، بعيداً عن الوطن مسافة أميال وأميال، قريباً منه على مرمى حجر، ينزف شعراً كلما نبض الوطن العربي، ويختلج فؤاده، في صراع مع الجنين والمرض، مرسخاً حروف وصيته في كل لافتة يرفعها، مستعداً لكل صنوف الاستشهاد، بينما يتابعه محبوه من أرجاء الوطن العربي المتباعدة شرقاً وغربا
مجموعات أحمد مطر الشعرية
لافتات 1 طبعة أولى 1984، طبعة ثانية 1987
لافتات 2 طبعة أولى 1987
ما أصعب الكلام طبعة أولى 1987
(قصيدة إلى ناجي العلي)
لافتات 3 طبعة أولى 1989
إني المشنوق أعلاه طبعة أولى 1989
ديوان الساعة طبعة أولى
مراجعة وتنسيق ناطق ابراهيم العبيدي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ