ما لا تبوح به المرأة لزوجها عن العلاقة الحميمة.. حكايات نساء قررن الصمت والرضا بالوضع خوفا من الطعن فى الشرف.. المجتمع يرى أن الكلام فى الحاجات دى عيب.. والطب النفسى الصمت يؤدى لأمراض أبرزها الاكتئاب
كما اعتادت أن تخفى جسدها طوال السنوات الماضية مُجبرة تحت دعوى الاحتشام وغيرها من المفاهيم التى يرسخها المجتمع العربى فى أذهان الفتيات منذ نعومة أظافرهن، تعودت الآن أيضاً أن تخفى ما يؤلمها خوفاً من أن يتهمها زوجها بالخيانة أو حتى يطعن فى شرفها، لذا تفضل السكوت وتختاره كحل إجبارى تبرر به الصمت حتى وهى تتأذى منه، الرجل فى هذه المنطقة من العالم لا يستمع جيداً إلى شكوى المرأة خصوصاً إذا كانت زوجته فرباط الزواج الذى من المفترض أن يجعلهما أقرب بدرجة كبيرة، هو سبب كافِ لإقامة جسور من الخوف والقلق والاضطراب والعلاقة الغريبة غير المفهومة، هو على اقتناع تام أنها يجب أن تقبل به كرجل شكلاً وجسداً وقلباً حتى فى غرفة نومهما يجب أن ترضى وتقبل بكل ما يمنحه لها، ولا تتأفف إذا احتاجت إلى شىء آخر هو لا يفهمه، فليس من حقها أن تتحدث فى مثل هذه التفاصيل، هكذا يرى الكثير من الرجال الشرقيين، أن النساء فى بلادهن لا يجب أن يعرفن أى شىء عن الجنس أو العلاقة الحميمة بين الرجل وزوجته لا قبل الزواج أو حتى بعده، فهذا من المحرمات التى لا يجب أن تقترب منها، وأن التحدث فى مثل هذه التفاصيل جرأة لن يقلبها هو، قلة وعيه وأفكاره الغريبة صنعت جسراً بينه وبين زوجته لم تعد قادرة على مروره مهما بلغ حجم الألم النفسى الذى تشعر به، كل ما عليها أن ترضى.
من داخل غرف النوم المظلمة، قررت أن تكسر هى حاجز الصمت وتحكى للمرة الأولى ربما لن تتجرأ على كشف الحقيقة كلها، ولكن على الأقل ستنتصر فى هذه المرة على الخوف وتحكى ما بداخلها، عن الأزمات الجنسية التى تمر بها مع زوجها ستحكى لنا على الأقل من باب "الفضفضة".
تتذكر خمس سنوات من المعاشرة الزوجية التى لم تشعر فيها يوماً واحداً بطعم هذه المتعة الجنسية التى يتحدث عنها الكثيرون، تقول: "أنا عندى مشاكل كتير قوى مع جوزى يمكن عشان مُختلفين أو على الأقل مش عارفين نوصل لبعض بأى طريقة، بس ده كله مش مهم المهم الحقيقى واللى مضايقنى إنى مش مبسوطة فى علاقتى الخاصة بيه، الموضوع اللى عمره ما حس بيه أصلاً واللى حاولت كتير جداً أوصله ليه بس هو مُصر على إنه يكون مش فاهم، العلاقة الجنسية بتم بشكل كامل، بس فى حاحة ناقصة فيها مخليانى مش قادرة أنبسط أو أحس بأى إحساس حلو من اللى مفروض أحس بيه، ومع ذلك بحاول أنا بكل الطرق الممكنة بس بفشل فى النهاية، حاولت كتير أطلب منه التغيير بشكل أو بآخر بس هو مش فاهم، وبيتعامل معايا بنفس الطريقة المعتادة، أنا رغم كل اللى أنا فيه لكن عُمرى أبداً ما أتكلم معاه فى حاجة زى ديه أولاً لأنى أتكسف أصرح ليه إنى مش مبسوطة معاه، أو على الأقل إنى عندى مشكلة فى العلاقة، ثانياً جوزى بشخصيته عمره ما يقعد يسمع منى عن علاقتنا الجنسية، هو أكيد هيشوفنى بشكل مُختلف وهيضايق مش بس هيضايق لأ ده ممكن يبهدل الدنيا عشان كده قررت السكوت".
على الرغم من خصوصية حكايتها إلا أنها لا تختلف فى الألم عن غيرها من القصص التى تركهاأصحابها على صفحات الأسئلة والمنتديات المختلفة خوفاً من أن يفتضح أمرهن ويعرف أحد ما يعانوه من ألم نفسى بسبب هذا المشكلة الجنسية التى تؤرقهن، تقول: "أنا عندى 25 سنة ومتجوزة تقريباً من 3 سنين، فى الأول مكنتش فاهمة قوى عن طبيعة العلاقة الجنسية الخاصة بينى وبينه، بس مع الوقت حسيت بإنى مش مبسوطة على عكس ما بسمع إنى مفروض أكون حاسة بحاجة معينة أنا برغم إنى بحبه بس مش عارفة أوصلها، فى البداية قولت مش هتكلم عشان ميفهمش الشكوى غلط بس مع الوقت قولت مينفعش أسكت أكتر من كده وقولت لازم أحكيله، أنا بس فتحت الموضوع لأ لمحت من بعيد، بس هو للأسف مقبلش أى كلام من أى نوع، وقفل الكلام وقالى بكل انفعال لو مش عاجبك ممكن تتطلقى، وديه كانت نهاية آخر كلام بينا، ومن ساعتها وأنا بحاول أتعامل رغم إنى مش مبسوطة ولا حاسة بأى مشاعر من ناحيته، ومع ذلك مستمرة عشان خايفة من الطلاق".
96% من نساء مصر غير راضيات عن علاقتهن الجنسية بأزواجهن..
كثيرة هى الدراسات التى تؤكد أن حياة المرأة الجنسية فى مصر غير جيدة تماماً وأنها بحاجة إلى اهتمام أكثر من قِبل الرجال، ولكن يبقى الرقم الذى أعلنت عنه الجمعية المصرية للصحة الجنسية العام فى أخر دراسة لها أجريت العام الماضى أن 96% من نساء مصر لا يشعرن بالرضا اتجاه علاقتهم الجنسية بأزواجهن، هو رقم صادم وكبير يعكس لنا حجم الأزمة، وما هو مسكوت عنه داخل غرف النوم، والرضا بالوضع تحت مسمى العشرة والسكينة فقط أما فيما يتعلق بالجنس فهى لا تشعر بأى استمتاع جنسى، وهو ما يدفعهن فى كثير من الأوقات إلى طلب الطلاق كحل نهائى للتخلص من هذا الكابوس الذى لا حل له، وهو ما أكدت عليه إحصائية صدرت عن جهاز التعبئة العامة والإحصاء العام الماضى أن حالات الطلاق فى مصر تزداد بمعدل كبير فى الفترة الأخيرة، فكل 6 دقائق تقريباً تقع حالة طلاق، وتشير الدراسات أن الطلاق بسبب الجنس والمشاكل المُتعلقة به خلف الكثير من حالات الطلاق والخلع أيضاً".
الطب النفسى: صمت النساء عن معاناتهن الجنسية يعرضهن للاكتئاب..
أما من وجهة نظر الطب النفسى يقول دكتور محمد مصطفى أستاذ الطب النفسى عن صمت النساء عن معاناتهن المُتعلقة بالعلاقة الجنسية، يقول: "النساء فى المجتمع العربى تعانى من قهر شديد ليس فقط قبل الزواج ولكن حتى بعد أن تكون فى عصمة رجل وتتحرر من كثير من القيود، إلا أنها تتفاجىء بالقيود الجديدة التى تحتم عليها عدم الافصاح عما يزعجها حتى إذا تعلق الأمر بعلاقتها الجنسية الخاصة بزوجها، وهو ما يجب أن يتفهمه الرجل ويحاول أن يتخلص منه، ويعطى مساحة حرة لزوجته إذا رغبت فى توجيه الانتقاد له فيما يخص علاقتهما الجنسية، لأن هذا يوفر عليه الكثير وكذلك يجعل العلاقة أفضل بكثير، كما أن هذه المساحة تعطى المرأة شعوراً بالثقة فى الزوج ويكون لديها حرص شديد على الاهتمام بكل تفاصيل هذه العلاقة".
يضيف: "الأمر لا يتوقف فقط عند هذا الحد ولكن صمت الزوجة عن هذه الأمور قد يعرضها للإصابة بالاكتئاب على سبيل المثال، ويجعلها تشعر بأنها سلعة تباع للرجل، وليس من حقها هى كزوجة أن تشعر بأى نوع من الاستمتاع الجنسى، أو تعترض إذا شعرت أنها غير سعيدة أو غير راضية عن علاقتهما الجنسية، التى تعانى فيها من الاهمال والكثير من المشاعر التى تؤثر بالسلب بعد ذلك على العلاقة بينهما بشكل عام، لذا على الرجل أن ينتبه كثيراً إلى مثل هذه النقاط الهامة التى قد تقوده يوماً ما إلى الانفصال عن زوجته سواء كانت العلاقة الجنسية وما يشوبها هى السبب المباشر أو لا، ولكن فى النهاية النتيجة واحدة".