بمعارك شرسة.. لماذا تريد إسرائيل السيطرة على حي الزيتون؟
إسرائيل تقطع الطريق الرابط بين شمال غزة وجنوبها
أعادت القوات الإسرائيلية انتشارها في الجانب الشرقي من حي الزيتون، في إشارة لإصرارها على البقاء في الحي الذي تراه ضمانة لسيطرتها على شمال قطاع غزة.
ويشهد الحي الواقع في مدينة غزة بشمال القطاع معارك ضارية منذ أسابيع، خلّفت خسائر كبيرة بصفوف الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية، وفق بيانات إسرائيلية.
وفي أحدث هذه المعارك، عرضت كتائب القسّام، الجناح المسلح لحركة حماس، الأحد، مَشاهد لاستيلائها على طائرتين مسيّرتين إسرائيليتين طراز "Skylark"، بالحي الذي تحوّل لمكان أشباح.
كما أعلنت القسام تفجير دبابتين من نوع "ميركافا"، والاستيلاء على طائرة استطلاع استخباراتية بجنوب الحي.
كان الجيش الإسرائيلي سحب لواء المظليين من حي الزيتون، وحلّت محله قوات أخرى، بينما يواصل جنود مجموعة القتال التابعة للواء 401 عمليات مداهمة واسعة النطاق بالحي التاريخي.
لماذا تستميت إسرائيل في حي الزيتون؟
وفق تقارير عسكرية، فإن الأهمية الاستراتيجية لحي الزيتون بالنسبة إلى إسرائيل تعود إلى:
هو نافذة على شارعَي الجلاء وصلاح الدين اللذين تسعى إسرائيل للسيطرة عليهما كشارعين رئيسيين، بهدف عزل مناطق القطاع عن بعضها.
كان يقطنه نحو 78 ألف نسمة، ويعد أعلى الأحياء كثافة في العالم، ومن مصلحة إسرائيل عدم عودة هذا العدد الكبير.
هو المدخل الجنوبي لمدينة غزة.
المساحات الواسعة لأشجار الزيتون بالحي ميّزته عسكريا؛ حيث جعلته أحد أكثر أحياء غزة قدرة على إفشال اقتحامات الجيش الإسرائيلي.
ما أهميّته التاريخية؟
تأسّس حي الزيتون في ثلاثينيات القرن الماضي، واستقبل مهجّري نكبة عام 1948، وتعود تسميته لأشجار الزيتون الكثيفة المزروعة في مساحات واسعة؛ ما جعله رئة لقطاع غزة، كما توجد به معالم تراثية، ويحمل سجلا لأحداث تاريخية، منها:
به مساجد أثرية مثل "جامع الشمعة"، ومسجد "العجمي"، وجامع "كاتب الولاية" الذي يضم مئذنة عتيقة، مكتوبا عليها كتابات منذ 735 ميلادية.
يضمّ مقبرة يطلق عليها "تربة الشهداء"، تتوسّطها أعمدة رخامية، نُقِشت عليها شهداء قُتلوا وهم يدافعون عن المدينة ضد الغزاة.
يضمّ آثارا إسلامية وكنيسة "برفيريوس"، وهي ثالث أقدم كنيسة في العالم؛ وبُنيت في القرن الخامس الميلادي، وقصفها الجيش الإسرائيلي في 17 أكتوبر الماضي.
يقع حي الزيتون في قلب المدينة القديمة، ويخترقه شارع عمر المختار أحد أشهر شوارع غزة، ويضم أسواقا تجارية؛ أشهرها "سوق السروجية".
عاشت به عائلة مؤسّس حركة حماس، أحمد ياسين، بعد النكبة.
يضمّ المستشفى المعمداني الشهير الذي بُني مع تأسيس الحي، وشهد مجزرة مروعة في 17 أكتوبر، راح ضحيتها أكثر من 700 فلسطيني.
القوات الإسرائيلية المتمركزة في الحي
اكتسب حي الزيتون شهرته العسكرية لمواجهته التوغلات الإسرائيلية في حروب 2004 و2008 و2014؛ حيث تنطلق منه الفصائل الفلسطينية لمهاجمة نقاط انتشار القوات الإسرائيلية في شمال القطاع، كما توجد بها شبكات لأنفاق حركة حماس.
وفي الحرب الحالية التي بدأت 7 أكتوبر الماضي، توجد إسرائيل عسكريا في الحي بهذه القوات:
وفق تقارير عسكرية تقود "الفرقة 36"، وهي فرقة مدرعات تصنّف من أكبر تشكيلات الجيش الإسرائيلي، الهجوم على الحي، وتتبع لها 4 ألوية، أشهرها "غولاني" إلى جانب اللواء "401 مدرع"، الذي يُعرف بـ"آثار الحديد"، ويتشكّل من كتائب مدرعات، وفِرق مشاة وكتيبة هندسة.
فوج "المدفعية 215"، وهو يتشكّل من كتيبة الخدمة العادية، إضافة إلى كتائب احتياط.
"لواء ناحال"، إحدى الألوية التي تسمّى بـ"النخبة" في الجيش، وعادةً ما يكون نطاق خدمتها في المناطق الخطرة، وتتضمّن مهامها الدوريات القتالية والمراقبة، إضافة إلى الدعم التكتيكي لعمليات التوغل.
"كتيبة الزيتون" وأهداف إسرائيل
يرصد الخبير العسكري اللواء واصف عريقات، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أسبابا أخرى لأهمية حي الزيتون بالنسبة إلى إسرائيل في الحرب الحالية:
إسرائيل تسعى للسيطرة على الحي لفصل شمالي قطاع غزة عن وسطه وجنوبه.
هذا الفصل يمكّن الجيش الإسرائيلي من قطع الإمدادات اللوجيستية عن الفصائل الفلسطينية ونقاط اتصالها، لكن لم يستطِع الدخول إلا للجزء الجنوبي.
يمثّل الحي نقطةَ دخول المساعدات الغذائية بين الشمال والجنوب عبر دوار الكويت وشارع صلاح الدين، ويمرّ فيه شارع الرشيد البحري.
حي الزيتون متداخل مع أحياء أخرى من الغرب والشمال؛ ما يسمح بهامش واسع من حرية الحركة والتنقل والتمركز للمقاتلين الفلسطينيين.
داخله تتمترس كتيبة الزيتون، التابعة لكتائب القسام، التي تملك خبرة في حرب الشوارع والعصابات؛ ما تسبّب في أن الجيش ما زال في الجزء الجنوبي الشرقي؛ حيث الكثافة السكانية متدنية.
يتبع المقاتلون تكتيك تدمير رأس القافلة الإسرائيلية المدرّعة وهي تندفع داخل الأزقة الضيقة لوقف تَقَدُّم باقي الرتل العسكري؛ ثم اصطياد الجنود داخل مدرعاتهم؛ لذلك اعتمدت إسرائيل على تغيير خطتها بالاندفاع داخل شوارع أوسع، مثل شارع صلاح الدين وشارعي "8" و"10".
كذلك شكّلت الفصائل ما يسمّى بـ"الفريق القتالي"، وهو مكون من 4 مقاتلين مسلحين يُكلفون بمهمات، ويختفون في الأزقة والشوارع الضيقة ضمن أساليب حرب العصابات.