الفصل الثالث والعشرون
خسر علاء في لعبة التوقعات و بناءً عليه فهو مكلف الآن بدفع ثمن وجبة العشاء، اتصل بأحد المطاعم و انتظر وصول عامل التوصيل ثم جلس ينتظر مع صديقه وصول الطعام، في تلك الاثناء ورد اتصالاً ليوسف ع هاتفه النقال فنظر و إذ هي ريم فأمسك بالهاتف ليرد عليها فطلب منه علاء أن يفتح مكبر الصوت ليشترك معهما في المكالمة
يوسف : ألو.. ريم .. ازيك ؟
ريم : الحمدلله كله تمام .. انت و علاء تمام؟
يوسف : آه الحمدلله .. علاء جنبي اهو
علاء: ازيك يا ريم .. أنا معاكم اهو .. المايك شغال
ضحكت ريم و قالت: عندي ليكم خبر حلو
يوسف بحماس : طب قولي بسرعة .. عرفتي حاجه جديدة ؟!
ريم : لا مش بالظبط بس حكيت لماما عن الكتاب و الصندوق و القصة كلها .. هي عاوزة تشوف الكتاب بس متقلقش ماما ست مسالمة جدا هي بس عندها فضول مش أكتر ..
نظر يوسف و علاء لبعضهما بعدم ارتياح و لم يتكلما فأكملت ريم : الخبر الحلو بقي بتقولي عندها علبة كبيرة مليانة صور و فيه منهم صور كانت في شقة جدو .. هي اخدت الصور منه عشان تحتفظ بيها بس بتقولي فيه صور لجدو و هو طفل مع مامته و باباه و جده و جدته ف ممكن تيجي تشوفها .. يمكن تفهمك حاجه
علاء: طب حلو اووي ده .. يمكن الصورة يكون ف ضهرها كلام او اسم .. اي حاجه ممكن تنفع
ريم: مش عارفة .. بصراحة هي مش بتركز اوووي ف تعالوا شوفوا بنفسكم
يوسف : تمام و هجيب لها الكتاب تشوفه
ريم : بس فيه حاجه .. جوزها راجع بكره من السفر و لو شافنا عندها هيغلس و هيعمل حوار.. لازم نروح قبل م يرجع
علاء : يعني انهارده .. طب ازاي .. ده الساعة ١١
ريم : لا .. بكره .. هو راجع ع بالليل .. احنا هنروح الصبح او بعد الضهر لو يناسبكم ؟
علاء: أنا مش هقدر .. عندي شغل بكره لحد بالليل
يوسف : أنا هحاول اخلص بكره ع ٢ و اكلمك .. تمام ؟
ريم : تمام
علاء: إن شاء الله نفهم حاجه
يوسف : إن شاء الله
ريم : خير بإذن الله ... سلام
يوسف : مع السلامة
دق عامل التوصيل الجرس و جاءت الوجبة و بينما كانا يأكلان قال علاء: بذمتك مش صعبانة عليك كاريمان
يوسف : ليه بقي ؟
علاء: بقي الأميرة تفوز عليها خدامة !!
يوسف: لكل مجتهد نصيب يا دكتور .. يلا ناكل ..
__________ة
في اليوم التالي و بعدما أنهي يوسف عمله اتصل ب ريم و تقابلا في محطة مترو المعادي حيث شقة والدتها، تمشيا في شارع طويل محاط علي جانبيه بالاشجار ، المكان هادئ و مريح للأعصاب، وصلا للعقار الذي به الشقة و هنا قالت ريم : الشقة في الدور التاني
دقت ريم الجرس ففتحت والدتها و هنا تفاجئ يوسف مما رأي!!!
ظهرت أمامه سيدة في أوائل الخمسينات معتدلة الجسم متوسطة الطول مثل هيئة ريم لكنها لا تشبهها أبداً شكلاً فهي سيدة سمراء بعينان سوداوتان واسعتان خلافاً لريم ذات العينان الملونتان، شفتاها ممتلئتان ووجهها طويل أما ريم فهي رقيقة الشفتين فاتحة اللون و لها وجه دائري، نظر يوسف بغرابة لاحظتها والدة ريم فابتسمت و قالت له : عارف.. زمان و هي صغيرة لما كنت ببقي ماشية بيها ف الشارع و هي مبلمة كانوا بيفتكروني خطفاها
ضحكت ريم و قالت له : ماما ... مدام نيرة
رد يوسف بحرج : أهلا مدام نيرة .. آسف بجد بس انتوا مش شبه بعض خالص
مدام نيرة : عارفة .. انت مش اول و لا حتي عاشر واحد يقول كده بس بأمانة هي بنتي هههههه
تنحت جانباً عن الباب و قالت : اتفضلوا
دخل الجميع و اُغلق باب الشقة و جلسوا في غرفة المعيشة .
ذوق و شخصية مدام نيرة كان ظاهراً في شقتها، اختياراتها للألوان مبهجة و متنوعة، علقت لوحات من رسم ابنتها علي الحوائط حتي و إن لم يلق ذلك استحسان زوجها، هناك بعض العشوائية لكن لا يمكننا القول أنها غير مرتبة فهناك خليط بين الترتيب و العبث.. بعدما تجول بعينيه في الشقة قال : الشقة جميلة يا مدام نيرة .. ذوقها حلو
ردت مدام نيرة: شكرا يا يوسف .. مش يوسف صح ؟
يوسف : مظبوط ..
م. نيرة: تحبوا تشربوا ايه الأول؟
يوسف : لا شكرا .. انا مش هطول عليكم
ريم : تطول ايه ... متعملش فرق .. ماما معلش كوبايتين شاي بلبن و ساندوتشين ع السريع
قامت م نيرة و قالت : حاضر .. حالا اهو
يوسف : مكنش المفروض نتعبها. كان كفاية شاي
ريم : تتعب مين .. ماما مش بتشوفني كتير من ساعة م سبت الشقة عشان كده لما باجي بتبقي عاوزة تعملي اي حاجه .. متشغلش بالك
مط يوسف شفتيه و قال : طيب
أخرجت ريم هاتفها و أظهرت صورة والدها ليوسف و قالت : بص .. ده بابا و انا واخدة أغلب ملامحه عشان متقولش دي طالعة لمين
أقبلت مدام نيرة و في يديها طاولة الطعام و المشروبات فبدآ بتناولها
م نيرة : فين بقي كتابك العجيب ده ؟
أخرج يوسف الكتاب بحرص من حقيبة أحضرها معه و قال : اتفضلي
تصفحت مدام نيرة الكتاب و أعجبت به كثيراً ثم قالت : بس انت جبت منين أن الكتاب ده ليه علاقة بعيلتنا؟ مش جايز بابا اشتراه او حد اداهوله؟؟
يوسف : هو والد حضرتك مجابش أي سيرة عنه خالص؟!
م نيرة : بصراحة لا ... خالص
يوسف بيأس : مش عارف .. نفسي اربط الماضي بالحاضر و اعرف مين دلوقتي ورثة الكتاب ده
م نيرة : ليه ؟! ناوي تديهولهم؟!
يوسف بتردد : مش عارف .. بس عندي فضول أعرف هم مين ؟
م نيرة : طيب فرضنا أن الكتاب طلع فعلا بتاع بابا و انا طلبت الكتاب هتديهولي؟!
يوسف بحرج : بس حضرتك انا اشتريت الصندوق من المزاد و لقيت جواه الكتاب .. مش ريم حكت لحضرتك؟!
ضحكت م نيرة ضحكة مجلجلة و قالت : أنا كنت امزح معك .. لا رغبة لي ف الكتاب او الصندوق .. لا تقلق .. سأحضر لك مجموعة صور كبيرة أخذتها من الشقة ع سبيل الذكري ربما تنفعك في بحثك
يوسف : اتفضلي
جاءت بعد قليل و في يدها علبة، جلست ثم فتحتها فإذ بها مجموعة عملاقة من الصور، اكثر من ٢٥٠ صورة، جلس ثلاثتهم و بدأووا بفرز الصور و مع كل صورة كانت مدام نيرة تعرفهم بمن فيها، بعد أكثر من نصف ساعة وجدوا صورة قديمة جدا بالأبيض و الاسود ل والد مدام نيرة مع جدته و هي ف العقد السابع أو الثامن من العمر، سيدة سمراء ضحكتها بشوشة لكن ملامحها ليست واضحة كثيراً بسبب تقدم العمر فالخطوط و التعريجات غطت وجهها تماماً، قلب يوسف الصورة فوجد تاريخاً مدوناً عليها هو ١٩٤٠/٨/٨، ظهر جد ريم طفلا في الصورة بعمر أقل من ٥ سنوات .. تري من تلك السيدة السمراء ؟! هل ما يفكر فيه يوسف ممكناً ؟!
شكر يوسف مدام نيرة و أثناء توديع نيرة له علي الباب قال لها : ممكن تيجي معايا بكرة السجل المدني .. يمكن نعرف نلاقي طريقة نجيب بيها اسم جدة جدك ؟!
ريم : ماشي..
يوسف : شكرا بجد يا ريم .. هعدي عليكي الصبح بدري عشان ناخد اليوم من أوله
ريم : تمام
___________
عاد يوسف للمنزل و لم يستطع انتظار عودة علاء فعاد لاستكمال القراءة علي الفور
تفرق الجميع من الحفل بينما ذهب إيفان و كاريمان و معهما كافور ليتم تضميد جرحه بالعيادة الطبية أما سالم فأوصل بسمة للعربة و اوصي الحوذي بايصالها ثم لحق بهم لهناك ليفهم ما يجري
ضمد إيفان جراح حارسه لأن اللص سدد نحوه اللكمات و الضربات بشكل متتالي و عندما حاول كافور التشبث به فضربه بمدية صغيرة في جنبه فسالت منه الدماء و لكن لحسن حظه فالجرح كان سطحياً و لم يصب أي عضو داخل أحشاؤه بأذي، كان إيفان حزيناً للغاية و غاضباً لا يعرف ماذا سيفعل لأن ذلك المال هو الذي كان سيشتري به كل مستلزمات المشفي، أرسل احد العاملين بالعيادة لابلاغ قوة قسم منطقة أسوان كي يأتي و يحقق بالحادثة ربما يعثرون علي اللص قبل أن يعبث بالمال ..
كاريمان كانت واقفة تستمع لكافور و هو يروي الحادثة و في عقلها سؤال واحد يتردد داخلها : من أين علم اللص بوجود قدر كبير من المال مع ايفان في ذلك الوقت ؟! هل لأنه جري خبر إقامة المشفي في كل البلدة؟! و لكن إن كان لهذا السبب لمَ لم يُسرق بيتها هي فمن المعروف أنها هي الممول و ليس هو ؟! قد اختار اللص ليلة الحفل ليجد المنزل فارغاً و علم بوجود المال برغم انها أعطته له منذ ليلتين فقط !! إذن هو شخص قريب محيطاً بهم .. هل هو خادم أم عامل أم صديق أم ماذا .. تعبت من التفكير و شعرت بدوار فجلست تنتظر ماذا سيكشفه الوقت و التحقيق!!
عندما جاء سالم و سمع ما دار كان هو الاخر يحلل الموقف و عزيز عالقاً في ذهنه بشكل كبير خاصةً أنه لا يحب إيفان و يود ايقاعه و عرقلته لكن هل بتلك الطريقة؟! و إن كان هو فهل قام بها بنفسه أم استأجر أحداً، في غضون هذا التفكير دخل إليهم ضابطاً مصرياً برتبة " يوزباشي" علي كتفه هلال و نجمة فضيان، عّرف نفسه و قال : أنا اليوزباشي ماهر الخضري .. سأتولي التحقيق في جريمة السرقة التي تم الابلاغ عنها ..
أشار باصبعه لكافور و قال : أنت الشاهد ؟!
رد كافور بضعف: نعم يا فندم
اليوزباشي ماهر: أين الطبيب صاحب المنزل المسروق؟
رد إيفان : نعم .. إنه انا
قال اليوزباشي: ليغادر الجميع من فضلكم و يبقي الشخصين الذين أشرت لهما .. إن احتجنا لشهادة أي منكم فسنرسل له استدعاء ..
انصرف الجميع و بقي أربعة فقط، إيفان و كافور و اليوزباشي و الكاتب ..
بينما كان اليوزباشي يحرر محضراً للواقعة و يستجوب كافور و إيفان، كان سالم في الخارج مع كاريمان و أصر علي الا يتركها تعود لمنزلها بمفردها..
كاريمان: لا اريد ان اتعبك فاليوم كان طويلاً و مرهقاً و اختتم بتلك الحادثة المزعجة
سالم: ليس هناك تعب .. لن اتركك تذهبين بمفردك ابداً
دخلا العربة التي تجرها الخيول و في الطريق كانت متجهمة و حزينة فسألها
سالم: لماذا أنتِ حزينة هكذا .. هل من اجل المال الذي سُرِق؟!
كاريمان : بل من أجل الواقعة نفسها.. عقلي مشوش و لا اعرف كيف افكر و في من أشك ؟!
سالم: ربما يستطيع هذا المحقق ان يصل للفاعل
كاريمان بيأس: أتمني ...
وصلا أمام منزلها فنزل و مد لها يده ثم نظر لعينيها المتعبتين: لا عليك من كل ذلك .. خذي قسطاً من الراحة و لنفكر غداً ب روية في كل ما حدث
أومأت كاريمان بالموافقة و قالت : سأحاول
قال سالم : دمت سالمة يا أميرة
دخلت كاريمان المنزل و اغلقت خلفها بعد أن أعطته ابتسامةً لطيفة بينما ذهب اليوزباشي مع ايفان لمعاينة مكان الحادثة و رفع الأدلة إن وجدت !!
______________
وصل سالم للمنزل بعد مرور أكثر من ساعتين علي عودة بسمة من الحفل للمنزل، أبدلت ملابسها ثم جلست تنتظره في الحديقة، عندما دخل لاحظ وجودها علي الفور و ابتسم لها من بعيد و عندما اقترب قال لها
سالم : ألم تنامي بعد أيتها الفائزة ؟
بسمة: لا .. جلست انتظر عودتك
سالم : و ها قد عدت .. اذهبي للنوم فيبدو عليك التعب
بسمة : سأذهب و لكن .... هناك سؤال ؟!
سالم : يمكنك أن تسألي ما تريدين
بسمة : هل كنت مع قوة المخفر كل هذا الوقت ام ذهبت لمكان آخر؟!
سالم : ماذا تقصدين؟ كوني واضحة
بسمة محاولةً اظهار القوة : و هو كذلك .. هل ذهبت لبيت الأميرة ربما تجد حلاً لأموالها المفقودة؟!
تعجب سالم من جرأتها الغير معتاده و قال :نعم ذهبت و لكن كي اوصلها لأن الوقت متأخراً جداً
بسمة : و لم َ لم يوصلها إيفان .. أليسا حبيبين؟!
سالم بضجر: نعم و لكنه كان مشغول في المحضر مع اليوزباشي
لاحظت بسمة ضيق سالم من توجيه الاتهام و الشك اليه و قالت : اعذرني .. انا احيانا أشعر أنها لها مكان خاص بقلبك
سالم و هو يحاول النفي: لا تدخلي بنا في تلك المنحنيات الخطرة يا بسمة فيكفيك أنني أقول لك لن اتخلى عنك ابداً و ما أراه فيكي لا أراه في أحد ...
فهمت بسمة انه لم ينكر حبه لها لكنها تقوت و قالت :سأترك ما ينبغي أن اقوله للوقت فربما لا أحتاج أن اقوله أو يجبرني الوقت علي قوله ...
سالم : لا أفهم ما تقصدين ؟!
بسمة : لا تهتم .. الآن هل أطلب منك شيئاً
سالم : بالطبع
أمسكت بسمة بالجائزة التي تسلمتها منذ قليل و فتحتها و قالت : هل يأخذ كلا منا جزءا من الخاتم ليذكرنا ببعضنا البعض دوماً حتي ان افترقنا
شعر سالم بغرابة في طريقتها و قال: كلماتك غريبة الليلة .. ماذا حدث؟! كل هذا لأنني تأخرت قليلاً و اوصلت الأميرة!!
بسمة : لا .. أنا فقط اريد هذا.. هل ستقبل طلبي ؟!
التقط سالم الخاتم من العلبة و فصله لنصفين و ارتدي نصفه و ألبسها النصف الآخر .. ثم قال : ليس خاتم هو من يربطنا بل إرادتنا يا بسمة .. و أنا أريدك .. تذكري هذا
ابتسمت له قليلا ثم قالت : سأذهب للنوم .. تصبح ع خير
سالم : و انت من اهل الخير
شعر سالم أن بسمة كُسرت عندما أعادها مع الحوذي بينما ظل هو إلي جانب كاريمان و أصر علي إيصالها بنفسه للمنزل، لأول مرة يراها تتحدث هكذا بشكل مبهم.. تُري ماذا يدور في عقلها؟!
تزاحمت الأفكار بعقل سالم و اقلقت مضجعه بشكل كبير فهناك الكثير من الحسابات و الروابط التي عليه العمل عليها و صُنع طريق ممهد في وسطها ..
_______
انتهي الفصل الخامس و بدأ فصل جديد عنوانه كان
٦- حفيظة هانم ياقوت
بدأ الفصل برسمة لسيدة حسناء خمسينية ظهر عليها ثراء كبير من الحلي التي زينت رقبتها و يديها و ثيابها، ارتدت ثوب مطرز بلون مخملي راقٍ، منْ رسمها أظهر نظرة حادة في عينيها دليل علي قوة الشخصية و المكانة ..
في الصفحة التالية بدأت احداث الفصل :
ذهب سالم في الصباح الباكر لمتابعة العمل في الترعة التي بدأ الانجليز شقها في الجانب الغربي لأرضه، استدعي اللورد مهندسين من انجلترا و فرنسا للعمل اما الأفراد فكانوا من مصر ثم ذهب لإيفان في المشفي ليطمئن عليه بعد ما حدث البارحة، طرق باب غرفته في العيادة ثم دخل
سالم : كيف حالك اليوم ؟!
إيفان: ليس جيداً بالطبع و لكن الحمدلله
سالم : هل افادكم ذلك الضابط بشئ عن السارق أو الأموال المسروقة؟
إيفان: لا .. قد اعطي كافور أوصاف السارق بقدر ما رأي و قال انه سيبحث و يستجوب كل الواقعين في دائرة الأمر اليوم و غداً و كلف فرق البحث بالنبش وراء كل حجر او ثغرة للعثور علي الأموال .. ما يحزنني هو توقف شراء مستلزمات المشفي فقد كنت اقتربت كثيراً من عقد اتفاق جيد مع أحد التجار..
سالم بانتباه : و ماذا اعطي كافور من أوصاف؟! ربما كان شخصاً نعرفه
إيفان : لم ير وجهه لأنه كان يرتدي قناع لكنه قال أنه طويل القامة معتدل البنية رأسه مدور و كبير و كفيه ابيضان، المديه التي ضربه بها كان عليها حرف A و رأي خاتماً في يده ..
سالم: و من طلب اليوزباشي للتحقيق؟
ايفان: طلب كاريمان لأنها صاحبة المال و عوف لأنه من سلمني اياه و سيمون لأنها تعمل مع كاريمان في مشروع المشفي و قال انه سيوسع دائرة البحث طبقا لأقوال هؤلاء ...
سالم : لندعو الله أن تعود تلك الأموال قريباً .. هل تحدثت مع كاريمان ؟!
إيفان: لا .. لا وجه لي لملاقاتها بعد أن أضعت مالاً مقداره هكذا و لا طاقة لي لتوفيره مما لدي فأنت تعلم أنني لست من أصحاب الأموال
سالم : نعم أعلم.. لا تقلق .. لها حل بإذن الله .. لننتظر الآن تحقيقات المخفر و بعدها نعرف ما يمكننا فعله .. أنا إلي جانبك .. لا تقلق
إيفان: أعلم يا صديقي
__________
وصلت الرسالة لقصر صافي بك ياقوت، سلمها احد الخدم ل فاتن هانم بينما كانت تحتسي قهوتها مع خالتها حفيظة هانم ياقوت، فاتن هي ابنة اخت السيدة حفيظة زوجة صافي بك ياقوت رحمه الله، الذي ترك كامل ثروته لها قبل وفاته لأنهما لم يرزقا بذرية، بعد وفاته شعرت بالوحدة فأخذت ابنه اختها فاتن في سن السادسة عشر و عاملتها كما لو كانت ابنتها، تولتها من كل شئ رعاية و تعليم و تربية ..
سألتها خالتها عن الخطاب فعندما قرأت اسم سالم عليه قالت إنه من صديقتها كاريمان، فاتن تحب خالتها كثيراً لكنها تخاف منها بسبب حدتها و مواقفها التي كانت كمواقف الرجال في صعوبتها، اعتادت أن تخفي عنها أمورها الشخصية الشائكة خاصةً و أن حفيظة هانم قدمت لها أكثر من خطيب ليتزوجها فرفضتهم لأجل انتظارها ل عزيز بلا طائل !!
أنهت قهوتها و استمحت خالتها عذراً لتذهب لغرفتها فسمحت لها، اختلت بنفسها و فتحت الخطاب و قد كست نظرتها الغرابة فمنذ متي يراسلها سالم هذا!!!
قرأت الرسالة التي نصها كان كالتالي :
" إلي العزيزة فاتن .. أعلم أنه ستعتريك الغرابة عندما يصلك خطابي لكن لا تقلقي .. هنا خير لك في الخطاب إن اردتي و الخيار لكِ.. أمامك فرصة إن كنت مازلت تريدين عزيز فبإمكاني ان اجعله يأت و يطلب يدكِ راكعاً لكن قبل أن تبعثي لي ردك احذري من القبول ثم رفضه إذا أتي فهذا طريق ستكملينه للنهاية إن بدأتِ فيه .. إن كنتِ موافقة فليس عليك فعل شئ سوي إرسال خطاب لي توافقين فيه أما إن كنتِ طويت تلك الصفحة فمزقي ذلك الخطاب و انسي أمره و انا سأحترم رغبتك بالطبع و ينتهي الأمر .. لا تخافي من نوايا طلبي هذا فمصلحتي من وراء هذا الامر لا ضرر فيها لك .. دمتِ سالمة أيتها العزيزة "
لم تكن تصدق ما تقرأ فهل يستطيع سالم هذا اقناع عزيز و فعل ما قاله بالخطاب!! و ما مصلحته من وراء هذا الأمر..
قالت في نفسها : مازلت احبه و أريده لكن هل اطمئن لسالم و اعطه قيادة الأمر أم لا .. لو كانت علاقتي بكاريمان قائمة كنت سألتها عما يحدث هناك ..
هنا جال بعقلها سؤال آخر : هل يعلم سالم بما حدث بينها و بين كاريمان فيريد اغاظتها ام ماذا؟! هل تلك خدعة أم حقيقة؟؟ هل ستسمح كاريمان بتلك العلاقة بعد ما حدث !!لا تدري و سيحتاج الأمر وقتاً للتفكير ..
___________
انتشر أنفار المخفر في ارجاء البلد كلها يفتشون في كل مكان عن مبلغ كبير كهذا ليس معتاداً وجوده مع العامة، اختبأ عزيز ببيت بعيد عن الأنظار كان قد استأجره، كان خائفاً و لم يخرج من البيت مطلقاً من ليلة امس منتظراً ذلك الغريب الذي سيأتي و يحمل كل المال الذي جلبه له بعد تخطيط و معركة شرسة مع ذلك الحارس!! عجباً فقد أصبح السيد عزيز خادماً و ملبياً لمطالب ذلك الغريب ..
طرق علي المنزل ثلاث طرقات متتالية متفق عليها ففتح له عزيز و اعطاه المال في ضيق ثم أغلق الباب مرة أخري بسرعة، سمع عن التحقيق في الجريمة و عن الأوصاف التي قالها كافور فقرر البقاء بعيداً عن الأنظار حتي تنتهي القضية و يغلق التحقيق حتي لا يستدعيه احد و يدخل في القضية فربما إن رآه كافور يشك به و يعرفه ...
______
عاد سالم للمنزل في المساء بعد أن انهي اعماله في أكثر من مكان، ألقي التحية علي والدته و سأل عن بسمة فقالت
السيدة بثينة: كانت هنا و قالت إنها متعبة و صعدت لتستريح .. معها عذر فقد رقصت أمس طيلة الليل !!
ضحك سالم ع تهكم والدته و قال : ألم تدفعينها دفعاً لمنافسة كاريمان .. لمَ لا يعجبك الأمر الآن ؟!
السيدة بثينة: بل دفعتها لكي تنافسها ع قلبك لا علي الرقص .. هي دائما تفهم رسائلي ع طريقتها الخاصة!!
سالم : بسمة لا تعجبني من البارحة .. أظنها حزنت من اجل غيرتها من كاريمان و لا اعرف كيف أطمئنها .. ذكرت لها عدة مرات أنني لن اتخلى عنها أبداً .. أهذا لا يكفي ؟!
السيدة بثينة: لا تكذب ع نفسك يا بني .. أنت بفعلتك المتسرعة هذه أدخلت نفسك و ادخلتها في بوتقة نار بها فحم مصطلي، مشاعرك مازالت عند كاريمان برغم انها لم تجاوبك ابداً بينما بقيت هي ف الزاوية مثل عصفور لطيف تربيه و تأتِ كل صباح و مساء لتطمئن عليه لكنها لم تصبح مالكة لقلبك و هذا ما يعذبك و يعذبها .. أما تلك الأميرة فهي في وادٍ آخر و تعشق ذلك الطبيب!!
سالم بألم : آه يا أمي.. لمستِ كل اوجاعي بكلماتك و لا يسعني سوي قول أنك محقة و لكن مازلت متخبط و لا اعرف طريقاً للراحة !!
مال إلي حضن السيدة بثينة التي داعبت شعره الأسود الكثيف بيديها و قالت : ليريحك الله يا بني و يخرج تلك الفتاة من قلبك
____
خلال الأيام التالية عكف اليوزباشي ماهر علي استجواب كل من وجده في سبيل ايجاد الأموال بينما فقدت كاريمان الأمل و ذهبت لايفان بمنزله و قالت
كاريمان: لا وقت لدينا لنضيعه و قد تكون الأموال صُرفت و انتهي الأمر .. سأبعث رسالة لأبي ليرسل لي دفعةً أخري لنكمل ما بدأنا
إيفان بخزي و حرج : لا .. انتظري قليلاً من فضلك .. يكفي ما فُقد من مال .. قد نعثر عليه قريباً .. انا في حرج كبير لما حدث .. ارجوكِ لننتظر قليلا
شعرت كاريمان بحرجه فوافقت علي الانتظار.
ذلك الذي حدث ابعد إيفان عنها و جعله لا يرغب في رؤيتها، من البداية كان يعرف فرق الامكانات المادية بينهما و هو ما جعله يتقدم خطوة و يتأخر اثنتين و ها قد أضاع مالاً إن عمل طبيبا لباقي عمره لن يستطيع جمعه، الأمر بينهما أصبح صعباً و شائكاً و قد شعرت هي بذلك ففضلت الانتظار أملاً في أن يتم اصلاح الأمر بإيجاد المال
بعد يومين ورد خطاب للسيد سالم فأدخلوه له في قاعة الرجال، كان سعيداً برؤية عنوان فاتن مكتوباً عليه فيبدو ان خطته ستنجح، فتح الخطاب و قرأ ما توقعه بالضبط .. انها الموافقة !!!
علي الفور ارسل رجاله للبحث عن عزيز و احضاره إلي هنا بأي ثمن و في أسرع وقت ..
بعد نصف يوم من البحث طرق رجال سالم باب بيت عزيز الجديد فلم يفتح بالطبع و هنا قال أحدهم بعدما اقترب للباب : سيد عزيز .. نحن رجال السيد سالم .. هو يريدك لأمر ضروري هل ستفتح و تأتِ أم نفتح نحن و نأتي إليك؟!
سمع عزيز تلك الكلمات و احتار، ماذا يريد سالم منه الان ؟! خيراً أم شراً ؟.. فكر أن الحل الأكثر اماناً هو الهرب لكن رجال سالم المتمرسين قد سبقوا و حاوطوا جميع منافذ المنزل فعندما فتح احد النوافذ رأي أحدهم في وجهه و نادي للجميع فقبضوا عليه ..
قال لهم قبل أن يوثقوه بالقيود: لا داعي للقيود فسآتي طواعيةً فتلك ليست المرة الاولي كما تعلمون ..
ترك الرجال القيود و امسكوه بشدة من كلتا يديه و اقتادوه إلي العربة التي ستحمله إلي منزل سالم للمرة الثانية ...
أدخلوه هذه المرة إلي احد الغرف بمنزل الضيوف لكونه فارغاً و بعيداً عن الأعين
جاء سالم و قال له متهكماً : أهلا بصاحب الحسب و النسب!!
قال عزيز بحدة: أري أنك اعتدت التفتيش عني و اقتيادي إليك وقتما شئت .. أليس هذا كثيراً ؟!
ضحك سالم و قال: و ما تفعله انت .. أما يُعد كثيراً ؟!
عزيز: و ماذا فعلت هذه المرة ؟!
سالم : من يسمعك يظن انك مظلوماً
عزيز : أخبرني باختصار .. ماذا تريد مني؟
سالم : أريد أن ازوجك .. ستكون عريساً في أقرب وقت!!
ضحك عزيز ضحكة مدوية و قال: تزوجني !! هل قررت ترك اعمالك و اشغالك و ستعمل كخاطبة !! أراه عملاً مناسباً لك علي آية حال ههههه
سالم : لست في وضع يمكنك من الاستهزاء او الضحك يا عزيزي .. فأنت مجبر !!
عزيز : و ما الذي يجبرني ؟!
سالم : وضعك الذي ع المحك هو من يجبرك .. ألا تعلم أن كافور اعطي أوصاف خاتمك الذي ترتديه هذا و ايضاً رأي مديتك التي من غرورك حفرت عليها أول حرف من اسمك الذي لم تاخذ من معناه شيئاً .. هل تعلم ايضاً أنني قد أبلغ اليوزباشي ماهر بدوافعك و أُطلعه علي ما حدث في الليلة السابقة ل ليلة السرقة !! هجومك علي اختك الرجل الذي قلت انه يطاردك !! .. باختصار يمكنني زجك بالسجن في دقائق !!
عزيز بغيظ و حنق: أنا لا أفهم ماذا تريد مني ؟ و لمَ لا تتركني في حالي ؟! كل هذا لأنك لم تتخطى موضوعنا القديم ذاك
رد سالم متهكماً : مشكلتك الكبري يا عزيز انك تري أن الكون يدور حولك .. ربما تلك مشكلة عائلتكم بأسرها !! انظر .. هناك امر هام جدا بالنسبة لي متعلق بعائلة عروسك التي كسرت قلبها ايها القاسي هههه .. سأكون وسيط الزواج بينكم و سأحصل على ما اريد بفضل ذلك القرب
عزيز: من تلك التي كسرت قلبها ... لا يمكن .. أتقصد فاتن؟!
سالم : بل يمكن .. فخالتها حفيظة هانم من أهم معارفي بالمنصورة لكنها رفضت طلبا لي من قبل و للاسف لا يمكنني الاستسلام .. أنت تعرفني!!
عزيز : يا لك من ....
قاطعه سالم و قال : لا تخطئ معي .. أفضل لك ..
عزيز : أحببت أنني أري وجهك الحقيقي الآن و انت تستخدم محنة صديقك العزيز لتحقيق مصالحك .. رباه .. ما هذا الوفاء!!
رد سالم بهدوء: لست مثلك يا هذا .. فسأعطي إيفان المال الذي سرقته يا أيها النبيل ..
عزيز: الاحتيال هذا لا يبرأ ساحتك فليس تلك هي النزاهة بل ذلك تلاعب و إخفاء للأدلة لأجل المصالح !!
سالم : أتعرف .. ضميري مرتاح برغم أنني لن اسلمك للعدالة .. أتعرف لماذا؟!
نظر له عزيز بشذر و لم يرد فاكمل سالم قائلاً : لأنك ستقع في شر أعمالك ثانيةً و ثالثةً و سنري ذلك قريباً
عزيز: و انا اعترف أنني مجبر علي القبول و لكن دعني اذكرك أن لي أنياب و مخالب ستراها في الوقت المناسب فالدوائر لا تتوقف عن الدوران
سالم باستهزاء: لا تجعلني أخلع انيابك فلا تستطيع حتي قضم ورقة و اقوم بقص مخالبك فتستصعب القبض علي ريشة
عزيز : ليكن ...
سالم : بما اننا توصلنا لاتفاق .. ستبقي هنا في منزل الضيوف حتب نرسل خطاباً لعائلة العروس و أثناء انتظار الرد سنسافر إلي والدك لاقناعه بالمجئ معك لطلب يدها .. لا تدعني اذكرك أن مخالفة الاتفاق ستضعك في موقف لا أتمناه لألد أعدائي
تركه سالم و خرج بينما كان شعوره مثل فأر محاصر في مصيدة و لا أمل للنجاة فبقدر هربه من الزواج طويلاً، وقع في فخه و مع من ... فاتن التي لم يحبها يوماً ..
جلس ع أحد الكراسي مهموماً ينتظر زفافه المرتقب!!!!انتظروا في الأجزاء المقبلة احداث شيقة في ذلك الزفاف و موقف كاريمان من سالم و عزيز و فاتن .. قصة حب جديدة سنراها تبدأ و ايضاً الكشف عن اسم جدة جد ريم بات قريبا