أهم الأحداث التاريخية الواقعة في رمضان
حسب ترتيب صاحب الفقه الإسلامي وأدلته الدكتور وهبة الزحيلي رحمة الله عليه؛ حيث يقول:
إن أهم حدث في رمضان هو نزول القرآن الكريم في ليلة الخامس والعشرين.
ثم وقعت أحداث تاريخية فاصلة كبرى في شهر رمضان، تدل على أن الإسلام يقدر الأمور حق قدرها، وأن شعار الصوم هو القوة والجهاد والعمل، لا الضعف والهروب، والفتور والكسل، والخمول والنوم، كما هو حاصل اليوم، فالمسلم يتفاعل مع واقع الحياة، ويتكيف مع الظروف، فلا يثنيه واجب ديني عن واجب معيشي أو حياتي، ولا تحد من عزيمته وهمته أهواء الدنيا، ومغريات الطعام والشراب، ولا يصح لمسلم أن يقول:
إن الصوم يعطل الأعمال، ويؤخر المجتمعات، فسبيل الإسلام معروف وهو الجهاد، ودين الله وشرعه يسر لا عسر، فقد أباح الفطر وحضَّ عليه في السفر والحرب، وحكم بأن الصائمين حينئذٍ متنطعون متشددون، وبأن المفطرين في الجهاد ذهبوا بالأجر كله، كما بيَّن النبي صلَّى الله عليه وسلم في فتح مكة، وكان أول المفطرين.
ودليل ما نقول: هذه الأحداث الكبرى التي وقعت في رمضان ونكتفي بذكر أشهرها، للاستدلال على أن النصر مرتبط بتطهير النفوس وصفائها وسموها وترفُّعها عن أدران المادة، وأن أيام رمضان مباركة ينتهز فيها الخير والنصر والفضل الإلهي، إذا توجهت القلوب لرب الأرض والسماء؛ قال الله تعالى: ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 126].
ومن أهم الأحداث التي حصلت للأمة الإسلامية في شهر رمضان المبارك:
1- معركة بدر الكبرى 17 رمضان السنة الثانية للهجرة:
وهي يوم الفرقان الذي فرق الله فيه بين الحق والباطل، فانتصر فيه الإسلام - رمز القيم العليا في التوحيد والتفكير، والحياة السوية والأخلاق الصحيحة - واندحر الشرك والوثنية؛ رمز الانحدار والتخلف والتعقيد، وإهدار الكرامة الإنسانية.
والمعركة حدثت في يوم الجمعة في السابع عشر من شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [آل عمران: 123]، وقال ابن عباس: "كانت يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان، وفيها قُتل فرعون الأمة أبو جهل أكبر أعداء الإسلام".
2 - فتح مكة في 20 رمضان في السنة الثامنة للهجرة:
وهو الفتح الأكبر؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ﴾ [الفتح: 1]، حدث في يوم الجمعة في العشرين أو الحادي والعشرين من رمضان من السنة الثامنة للهجرة، وقد تم به القضاء على فلول الوثنية، وتم به تحطيم الأصنام حول الكعبة.
وفي رمضان من السنة الخامسة كان استعداد المسلمين لغزوة الخندق التي وقعت في شوال من العام نفسه.
3- وقعت بعض أحداث غزوة تبوك في رمضان سنة 9هـ، وفي رمضان كانت معركة القادسية، ومعركة البويب، وفتح رودس.
4- انتشر الإسلام في اليمن في السنة العاشرة في رمضان، وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب على رأس سرية إلى اليمن، وحمل معه كتابًا إليهم.
5- هدم خالد بن الوليد لخمس بقين من رمضان في السنة الثامنة البيت الذي كانت تعبد فيه العزى في نخلة، وقال للرسول صلى الله عليه وسلم: ((تلك العزى ولا تعبد أبدًا)).
ووجه الرسول صلى الله عليه وسلم السرايا لهدم الأصنام.
6- قدم في السنة التاسعة في رمضان وفد ثقيف من الطائف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريدون الإسلام، وهدم فيها صنم اللات الذي كانت تعبده ثقيف.
7- في صبيحة يوم الجمعة في 25 من رمضان479 هـ حدثت موقعة الزلَّاقة (سهل يقع على مقربة من البرتغال الحالية) أو يوم العروبة والإسلام، وانتصر فيها جيش المرابطين المسلمين في الأندلس بقيادة يوسف بن تاشفين على جيش الفرنجة البالغ ثمانين ألف مقاتل بقيادة الفونس السادس ملك قشتالة.
8- موقعة عين جالوت: (قرية بين بيسان ونابلس) حدثت في صبيحة يوم الجمعة في الخامس عشر من رمضان سنة 658 هـ الموافق 3 أيلول (سبتمبر) 1260م، بقيادة السلطان قُطُز سلطان المماليك في مصر، بعد أن صاح بأعلى صوته: وإسلاماه، وانتصر فيها على المغول الذين ولوا الأدبار لا يلوون على شيء، وتم فيها توحيد مصر وبلاد الشام، وإنقاذ الإسلام والمسلمين من همجية المغول، كما أن البطل صلاح الدين خاض معارك حاسمة ضد الصليبيين في رمضان.
9- فتح الأندلس: في رمضان كانت معركة طريف تمهيدًا لفتح الأندلس، وكانت معركة الزلاقة، ثم حدث فتح الأندلس في 28 رمضان سنة 92هـ/19 يوليو (تموز) 711 م بقيادة طارق بن زياد بعد أن هزم روذريق قائد القوط في موقعة حاسمة تعرف بـ"موقعة البحيرة"، بعد أن استولى على مضيق جبل طارق وأحرق سفنه، وقال كلمته المشهورة: "البحر من ورائكم والعدو من أمامكم"، ثم تم بعدها فتح قرطبة وغرناطة وطليطلة العاصمة السياسية للأندلس.
وفي رمضان كانت آخر المعارك مع الصليبيين لتطهير أرضنا وديارنا من أرجاسهم.
10- وفي العاشر من رمضان سنة 1393هـ/1973م كانت معركة العبور؛ أي: عبور القوات المصرية المسلحة قناة السويس من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية، بعد احتلال اليهود لها مدة نحو سبع سنوات في الخامس من شهر حزيران سنة 1967م، ووصلت في العاشر من شهر رمضان القوات السورية إلى شواطئ بحيرة طبرية، ولقَّن الفلسطينيون العدو الصهيوني في رمضان في معركة الكرامة في نيسان (أبريل) سنة 1968م درسًا لا ينساه مع قلتهم، وتمكن العدو في موقع إستراتيجي رائع.