تاريخ دولة الإمارات
يعود تاريخ المنطقة إلى 6000 ق.م، وكانت عبارة عن جماعات بدوية تعتمد في معيشتها على الصيد وجمع النباتات. وتميزت تلك الحقبة أيضاً بصناعة الأواني الفخارية، وذلك بحسب ما كشفته الحفريات الأثرية
التاريخ القديم
الحضارات السابقة
كشفت الحفريات الأثرية في دولة الإمارات عن إرث من الحضارات القديمة التي واكبت تاريخ المنطقة، وساهمت في كنزها الإنساني وذلك بدءاً مما يُعرف بالعصر الحجري القديم، أي الفترة الواقعة ما بين 6000 ق.م.-3500 ق.م. ولغاية نهاية العصر الحديدي 1300 ق.م.-300 ق.م.
العصر الحجري في المنطقة (6000 ق.م.-3500 ق.م.)
في تلك الحقبة التاريخية، كانت المنطقة عبارة عن جماعات بدوية تعتمد في معيشتها على الصيد وجمع النباتات. وتميزت تلك الحقبة أيضاً بصناعة الأواني الفخارية، وذلك بحسب ما كشفته الحفريات الأثرية في إمارات أبو ظبي، والشارقة، وأم القيوين، ورأس الخيمة. ويُعتقد بأن هذه الآثار تعود إلى فترة العبيد، التي تعتبر جزءاً من العصر الحجري، أي فترة الألفية السادسة ق.م.
العصر البرونزي في المنطقة (3200 ق.م.-1300 ق.م.)
تكون هذه الحقبة التاريخية من ثلاث فترات رئيسة:
فترة جبل حفيت
تمتد هذه الفترة من 3200 ق.م.-2500 ق.م.، ويعود سبب التسمية إلى كثرة المقابر التي وُجدت في منطقة جبل حفيت، قرب مدينة العين، في إمارة أبو ظبي
فترة أم النار
تمتد هذه الفترة من 2500 ق.م.-2000 ق.م.، ويرجع سبب التسمية إلى اكتشاف آثار وأنصاب قديمة في جزيرة أم النار، في إمارة أبو ظبي، في منتصف عام 1950.
فترة وادي سوق
تمتد هذه الفترة من 2000 ق.م.– 1300 ق.م.، وتُنسب التسمية لأحد المواقع الأثرية في وادي سوق، الواقع ما بين منطقة العين والساحل العماني.
العصر الحديدي في المنطقة (1300 ق.م.-300 ق.م.)
تمتد هذه الحقبة من 1300ق. م إلى 300 ق. م.، وتميّزت بظهور أول استخدام لنظام "الأفلاج" الذي أتاح استخراج المياه الجوفية، ومواصلة الزراعة في ظروف مناخية جافّة.
المصادر:
التراث والثقافة-البوابة الرسمية للسياحة في دبي
التراث والفنون العربية والإسلامية -البوابة الرسمية لحكومة الإمارات
قدوم الإسلام
بدأت الدعوة الإسلامية في المنطقة بعد فتح مكة في عام 630م، عندما أرسل النبي محمد (صلىّ الله عليه وسلم) أصحابه لدعوة ملوك ورؤساء القبائل إلى اعتناق الدين الإسلامي. ووصل الصحابي عمرو بن العاص إلى منطقة عُمان وصحار ليبلغ الدعوة إلى ملوك عُمان، بينما تولى العلاء بن الحضرمي زيارة البحرين، ونقل رسالة الدعوة الجديدة. وقد أسلم أهل المنطقة ولبوا الدعوة إلى الإسلام بشكل طوعي.
بعد وفاة النبي (صلىّ الله عليه وسلم) عام 632م، شهدت المنطقة، صراعاً ضد المرتدين عن الإسلام، أو ما يُطلق عليه اسم حروب الردّة. استمرت هذه الحروب لمدة عام تقريباً، وانتصرت فيها الجيوش الإسلامية، وتحديداً في منطقة دبا-الفجيرة حيث هُزم زعيم المرتدين وذلك في 633م.
ازدهرت الحضارة الإسلامية بشكل بارز في منطقة الجزيرة العربية والأقاليم المجاورة خلال الخلافة الأموية من 661 م إلى 750م، والخلافة العباسية (750م -1258م). كما برزت أيضاً أهمية التجارة البحرية بين منطقة الخليج والمناطق الأخرى الواقعة في جنوب شرق آسيا وسواحل أفريقيا الغربية، وراجت أيضاً صناعة السفن لأهميتها في الملاحة البحرية في ذلك الحين.
وتم الكشف في الجميرا- دبي عن آثار قديمة، وبقايا معالم تاريخية لمدن إسلامية وعملات نقدية. كما ذُكرت مدينة جلفار، (أي رأس الخيمة حديثاً) في الوثائق التي تكشف عن التعاملات التجارية بين تجار مدينة البندقية في إيطاليا، ومجتمعات منطقة الساحل الخليجي.
ومن المعالم الإسلامية القديمة المعروفة في المنطقة، مسجد البدية في إمارة الفجيرة، والذي يعود تاريخه إلى القرن الخامس الميلادي، ويعتبر من أقدم المساجد في دولة الإمارات، وتعتزم الدولة ترشيحه للانضمام إلى قائمة مواقع التراث العالمي الذي تديره لجنة التراث العالمي-اليونسكو.
ظلت القوة الإسلامية تهيمن على مناطق الجزيرة العربية، حتى سقوط الأندلس (أو إسبانيا الإسلامية) عام 1492م. وفي الفترة نفسها، بدأ يلوح في الأفق اهتمام الإمبراطوريات الأوروبية بمنطقة الخليج، والطرق البحرية المؤدية إلى المناطق التجارية في الهند وجنوب شرق آسيا.
تولت الخلافة العثمانية حكم المسلمين من 1281م –1924 م، وكان دورها محدوداً في منطقة الخليج من حيث السيطرة السياسية. وبدءاً من القرن السادس عشر الميلادي، بدأ الزحف الأوروبي نحو المنطقة، وكان البرتغاليون أول من تمكن من الوصول إليها.
المصالح الأوروبية في شبه الجزيرة العربية
استطاعت العديد من الدول الأوروبية الوصول إلى منطقة شبه الجزيرة العربية، أما لغرض الاستكشاف، أو للسيطرة على سواحلها. ومن الأسباب التي جعلت المنطقة محل اهتمام للدول الأوروبية، قيام البحارة والمستكشفين بتدوين معلومات غنية عن رحلاتهم ونشرها.
في عام 1580، ذكر الرحالة البندقي، غاسبارو بالبي وصفاً لمنطقة الخليج العربي، والساحل الخليجي من قطر إلى رأس الخيمة، بالإضافة إلى القلعة البرتغالية في منطقة كلباء. وكان لهذا التاجر اهتمام شديد بتجارة اللؤلؤ، مما أدى به إلى الوصول إلى جزيرة صير بني ياس أو (Sirbeniast) كما ذكر في مخطوطاته.
وفي الفترة ما بين 1644-1645، قامت السفينة الهولندية زيميو(Zeemeeuw) باكتشاف ساحل الخليج الجنوبي بين خصب ودبا. ويعتبر الرسم الذي يُنسب لقائدها القبطان كليس سبيلمان لخليج دبا وللمدينة، أحد أقدم الرسومات لموقع في دولة الإمارات العربية المتحدة الحديثة.
وقامت السفينة القديمة ميركات، بقيادة القبطان الهولندي جاكوب فوجيل برحلة من بندر عباس إلى مسقط عام 1666م، وبعد هذه الرحلة كتب تقريراً مفصّلاً عن كل ما شاهده عبر الساحل بين خصب ومسقط، كما ترك رسماً وخريطة لخليج مسقط.
ونستعرض فيما يلي المراحل المختلفة التي مرت بها شبه الجزيرة العربية خلال التواجد الأوروبي فيها.
العهد البرتغالي
كان البرتغاليون من بين أوائل الأوروبيين الذين وصلوا لشبه الجزيرة العربية. وقد كان ذلك في عام 1498 م بعد الرحلة البحرية الناجحة التي قام بها البحار البرتغالي فاسكو دي غاما حول طريق رأس الرجاء الصالح.
بحلول عام 1515م، شقّ البرتغاليون طريقهم في المحيط الهندي وخليج عُمان، وفرضوا أنفسهم في المنطقة بقوة السلاح. وفي عام 1560م، بلغوا أوج قوتهم البحرية وسيطروا على تجارة التوابل والفلفل بشكل شبه احتكاري، ولعبوا دور الوسيط في التجارة بين الموانئ في المحيط الهندي بدلا من التجار من سكان المنطقة.
تحكم البرتغاليون بمنطقة الخليج العربي لما يقارب من قرن ونصف، وقد تصدى لهم العثمانيون من وقت لأخر، لكنهم لم يتمكنوا من طردهم.
بدأت القوة البرتغالية بالتراجع خلال القرن السابع عشر، وباتوا يواجهون مقاومة من السكان المحليين، إضافة للمنافسة من القوى الأوروبية الأخرى من الإنجليز والهولنديين بشكل خاص.
وشهد هذا القرن بروز قوات اليعاربة والتي أطاحت بالوجود البرتغالي من جلفار ودبا في 1633م، واستعادت صحار في 1643، ومسقط في 1650.
المصدر:
العهد البرتغالي –الأرشيف والمكتبة الوطنية
العهد الهولندي
كانت خسارة البرتغاليين لمضيق هرمز في
م بداية لدخول الهولنديين والإنجليز إلى أسواق الشرق الأوسط.
وجعلوا من بندر عباس مركز أنشطتهم التجارية والسياسية في منطقة الخليج. ومع ذلك، دخل الطرفان في منافسة بعد عام
م عندما نقلت شركة الهند الشرقية الإنكليزية مصنعها في الخليج إلى مدينة بندر عباس، ورفض الهولنديون أن يدفعوا لهم رسوماً جمركية. وقبل ذلك، كان المركز التجاري للهولنديين في بندر عباس أكثر نشاطا ونجاحاً من نظيره الإنجليزي.
وفي عام 1623م، أبرم الهولنديون اتفاقاً لتجارة الحرير مع شاه عباس وحققوا من خلاله أرباحاً طائلة. وبحلول القرن السابع عشر، أصبح الهولنديون القوة البحرية المسيطرة في المحيط الهندي والخليج العربي.
وبدأت سيطرة الهولنديين تضعف في عام 1750م، بسبب الحرب الثلاثية بينهم وبين كل من الإنجليز والفرنسيين، وفقدوا معظم ممتلكاتهم في المحيط الهندي. وفي وقت لاحق، عزز الهولنديون مركزهم في جزيرة خرج بإقامة حصن ومصنع، واستولوا على الأنشطة الاقتصادية المتعددة التي كانت بيد السكان العرب الأصليين بما في ذلك مصايد اللؤلؤ.
وأدت هذه الممارسات إلى ظهور مقاومة من هؤلاء السكان والذين ثاروا ضد الهولنديين وأخرجوهم من جزيرة خرج في 1766م.
المصدر:
العهد الهولندي - الأرشيف والمكتبة الوطنية
العهد البريطاني
بحلول عام 1720، نمت الأنشطة التجارية البريطانية في الخليج. وكان البريطانيون معنيين بالدرجة الأولى بتعزيز قوتهم البحرية لحماية المنافذ التجارية مع الهند، واستبعاد المنافسين الأوروبيين.
وفي بداية القرن التاسع عشر، استولى القواسم على السلطة في مسندم، والمناطق الشمالية والشرقية من الخليج العربي بشكل رئيسي. وبنوا أسطولاً يزيد على ال 60 من السفن الكبيرة، والتي كان لها القدرة على نقل قوة مؤلفة من 000 20 رجل. وأقلق ذلك البريطانيين الذين تحسبوا من تأثير القواسم على مساعيهم للسيطرة على الممر البحري إلى الهند، مما أدى إلى شن سلسلة من الهجمات ضد القواسم، انتهت بهزيمتهم في عام 1820 م.
المصدر:
العهد البريطاني - الأرشيف والمكتبة الوطنية
تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة
الإمارات العربية المتحدة دولة اتحادية تأسست في 2 ديسمبر 1971 وتتكون من سبع إمارات هي: أبو ظبي، ودبي، والشارقة، وعجمان، وأم القيوين، ورأس الخيمة، والفجيرة.
وتعد الدولة واحدة من الدول الأكثر استقرارا على مستوى العالم في التاريخ الحديث، إضافة إلى ريادتها في مجالات الاقتصاد، والاستقرار الاجتماعي والأمن.
تستعرض هذه الصفحة نبذة عن الأحداث الرئيسية التي أدت لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة، وتحقيق السيادة والاستقلال لشعبها. يمكنكم قراءة:
نشأة إمارات الساحل المتصالح
بعد هزيمة القواسم، وقعت بريطانيا سلسلة من الاتفاقيات مع مشيخات الخليج بين الفترة من عام 1820 إلى 1853. ووفقا لهذه الاتفاقيات، تعهد الشيوخ بعدم الدخول في اتفاقيات أو إجراء اتصالات مع أية قوة أو دولة أخرى عدا الحكومة البريطانية. ومقابل ذلك، تعهّد البريطانيون بتحمّل مسؤولية الدفاع عن المنطقة من أيّ عدوان خارجي، من دون تدخل في الشؤون الداخلية للمشيخات.
حافظت هذه الاتفاقيات على سلامة الطريق البحري، وعززها البريطانيون بمعاهدات لحماية الهدنة البحرية والتي أكسبت المنطقة فيما بعد اسم إمارات الساحل المتصالح.
تعزيز السيادة البريطانية في إمارات الساحل المتصالح
في عام 1892م، دخلت الحكومة البريطانية في اتفاقيات مع شيوخ الساحل المتصالح، ألزمتهم بعدم الدخول في اتفاقيات أو إجراء اتصالات مع أية قوة أو دولة أخرى عدا الحكومة البريطانية. ومقابل ذلك تعهّد البريطانيون بتحمّل مسؤولية الدفاع عن الإمارات من أيّ عدوان خارجي. وشكلت تلك الاتفاقيات إضافة للاتفاقيات الموقعة حجر الزاوية للسيادة البريطانية في الخليج التي استمرت للخمس والسبعين عاما التالية.
ومع نهاية القرن التاسع عشر، بدأ موقف البريطانيين وقراراتهم في التغيّر تدريجياً نتيجة لتفاعل العديد من القوى والعوامل؛ منها التغيّرات الاقتصاديّة والسياسيّة والثقافيّة على الساحل المتصالح، وتوقّعات اكتشاف النفط التي دفعت بريطانيا إلى إبداء اهتمام أكبر بالشؤون المحليّة في المنطقة.
وفي مواجهة التنافس الناشئ مع قوى أجنبيّة أخرى، حصلت بريطانيا على تعهّدات من زعماء الساحل المتصالح لتحويل سلطتهم وسيطرتهم لمنح امتيازات النفط في مناطقهم إلى الحكومة البريطانية، إضافة لعدم منح الأجانب امتيازات مصرفيّة. ونتيجة لتلك الاتفاقيات، أصبح من الضروري تعيين الحدود الداخلية بين إمارات الساحل المتصالح والغير المرسومة قبل ذلك، فتدخل البريطانيون منذ خمسينيات القرن العشرين في تعيين ورسم الحدود لضمان متطلّبات حماية شركات النفط التي كانت تقوم بأعمال التنقيب في المناطق الداخليّة من الإمارات المتصالحة.
وفي بداية عام 1968م، أعلنت الحكومة البريطانية عن نيّتها للانسحاب من منطقة الخليج مع نهاية عام 1971م. وساهم في هذا القرار عدد من العوامل الاقتصادية والتي من أبرزها انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني، والضغوط الداخلية من حزب العمال للحد من الإنفاق على المسائل الدفاعية، وعدم القدرة على الاحتفاظ بقوات بريطانية في الخارج.
وفي 30 نوفمبر 1971م، انسحب البريطانيون من الإمارات المتصالحة، وكان ذلك الانسحاب نهاية لسيادة العهد البريطاني في المنطقة. ومن الجدير ذكره أنّ "الإمارات المتصالحة كانت أوّل منطقة عربية تفرض بريطانيا سلطتها عليها عام 1820م، وآخر منطقة تتركها عام 1971م.
قيام دولة الإمارات العربية المتحدة
أكّد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فور توليه سدّة الحكم في السادس من آب/ أغسطس عام 1966م حاكماً لإمارة أبو ظبي، مدى أهمية الاتحاد، وقال معلّقاً: "نستطيع بالتعاون وبنوع من الاتحاد، اتباع نموذج الدول الأخرى النامية".
وبعد إعلان البريطانيين عام 1968 عن نيتهم بالانسحاب من منطقة الإمارات المتصالحة، بدأ الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بالتحرك سريعاً لتعزيز الروابط مع إمارات الساحل المتصالح.
توقيع اتفاقية الاتحاد عام 1968
اتّخذ كل من الشيخ زايد مع الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي طيب الله ثراهما، الخطوةَ الأولى نحو إنشاء الاتحاد. كان الهدف من هذا الاتحاد أن يكون نواةً للوحدة العربية، وحماية الساحل الذي كانت الثروة النفطية متوقعة فيه من مطامع الدول المجاورة الأكثر قوة.
وتم عقد اجتماع في الثامن عشر من فبراير 1968م في السميح، على الحدود بين أبو ظبي ودبي، وقد وافق الشيخ زايد والشيخ راشد في ذلك اللقاء التاريخي على دمج إمارتَيهما في اتحاد واحد، والمشاركة معاً في أداء الشؤون الخارجية والدفاع، والأمن والخدمات الاجتماعية، وتبنّي سياسة مشتركة لشؤون الهجرة. وقد تُركت باقي المسائل الإدارية إلى سلطة الحكومة المحلية لكلّ إمارة. وعُرفت تلك الاتفاقية المهمة بـ"اتفاقية الاتحاد"، ويمكن اعتبارها الخطوة الأولى نحو توحيد الساحل المتصالح كلّه.
تشكيل اتحاد الإمارات العربية
زيادةً في تعزيز الاتحاد؛ ولاهتمام الشيخ زايد والشيخ راشد بتقويته، قاما بدعوة حكّام الإمارات الخمس المتصالحة الأخرى بالإضافة إلى البحرين، وقطر، للمشاركة في مفاوضات تكوين الاتحاد.
وفي الفترة من 25 إلى 27 فبراير 1968م، عقد حكّام الإمارات التسع مؤتمراً دستورياً في دبي. ووقع المجتمعون اتفاقية مكوّنة من إحدى عشرة نقطةً، والتي أصبحت قاعدةً للجهود المكثّفة لتشكيل الهيكل الدستوري والشرعي لـ"اتحاد الإمارات العربية".
تمّ في تلك الفترة عقد اجتماعات عدّة على مستويات مختلفة من السلطة، والاتفاق على القضايا الرئيسة في اجتماعات المجلس الأعلى للحكّام، الذي يتكوّن من رؤساء الإمارات التسع. ويكون المجلس مسؤولاً عن إصدار القوانين الاتحادية، وهو السلطة العليا في اتخاذ القرارات بشأن المسائل ذات الصلة، ويتخذ قراراته بالإجماع.
وفي صيف عام 1971م أصبح من الواضح أنّه لم يعد لإيران أية مطالب في البحرين، فأعلن الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة استقلالَ الجزيرة في 14 أغسطس 1971م، تبعتها قطر في 1 سبتمبر 1971م.
إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة
وفي 18 يوليو 1971م، قرّر حكّام ست إمارات من الإمارات المتصالحة، هي: أبو ظبي، ودبي، والشارقة، وعجمان، وأم القيوين، والفجيرة، تكوين الإمارات العربية المتحدة.
وفي الثاني ديسمبر 1971م، اجتمع حكام الإمارات الست ثاني من ديسمبر 1971م، تمّ الإعلان رسمياً عن تأسيس دولة مستقلة ذات سيادة. وصدر عن هذا الاجتماع البلاغ التاريخي الذي جاء فيه: "يزف المجلس الأعلى هذه البشرى السعيدة إلى شعب الإمارات العربية المتحدة وكل الدول العربية الشقيقة، والدول الصديقة، والعالم أجمع، معلناً قيام دولة الإمارات العربية المتحدة دولة مستقلة ذات سيادة، وجزءاً من الوطن العربي الكبير."
تمّ الاتفاق رسمياً على وضع دستور مؤقّت ضم 152 مادة، وارتكز على نسخة معدّلة من نصّ الدستور السابق لإمارات الخليج التسع. واعتمدت أبو ظبي كالعاصمة المؤقتة للاتحاد.
وانتخب حاكم أبو ظبي، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، من قبل الحكام ليكون أوّل رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، وأعيد انتخابه بعد انتهاء فترة خمس سنوات. وتم انتخاب المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم نائباً للرئيس، وهو منصب استمرّ فيه حتى وفاته عام 1990م.
وحدد الدستور خمس سلطات للدولة الاتحادية هي:
المجلس الأعلى للاتحاد: ويتكون من الحكام السبعة، وهو أعلى المؤسسات في الدولة، ويتخذ قرارته بالأكثرية على أن تكون كل من أبو ظبي ودبي ضمن الأكثرية
رئيس الدولة ونائبه
مجلس الوزراء
المجلس الوطني الاتحادي، وهو مجلس استشاري ضم في ذلك الوقت 34 عضوا، ثمانية أعضاء لكل من أبو ظبي ودبي، ستة من إمارة الشارقة، وأربعة للإمارات المتبقية. ويخصص لرأس الخيمة 6 مقاعد عند انضمامها للاتحاد ليصبح عدد الأعضاء 40 عضوا
السلطة التشريعية أو القضائية، وتتكون من عدد من المحاكم على رأسها المحكمة الاتحادية
قوات الأمن الاتحادية والقوات المسلحة لحكومة دولة الإمارات
بعد قيام الاتحاد، قرر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان توحيد القوات المسلحة تحت علم واحد وقيادة واحدة، وذلك في السادس من مايو عام 1976 بموجب المادة 138 من الدستور، والتي نصت على أن يكون للاتحاد قوات مسلحة برية وبحرية وجوية، موحدة التدريب والقيادة، ويكون تعيين القائد العام لهذه القوات، ورئيس الأركان العامة، وإعفاؤهما من منصبيهما بمرسوم اتحادي.
وجاء في المادة المذكورة أنه يجوز أن يكون للاتحاد قوات أمن اتحادية. ومجلس وزراء الاتحاد هو المسؤول مباشرة أمام رئيس الاتحاد والمجلس الأعلى للاتحاد عن شؤون هذه القوات جميعا.
اكتمال الاتحاد بين الإمارات السبع
انضمت إمارة رأس الخيمة للاتحاد في وقت لاحق، حين تلقت تأكيدات من حكومة الاتحاد أن الدولة ستتابع قضية استعادة جزر طنب الصغرى وطنب الكبرى التابعتين للإمارة، واللتين تم احتلالهما من إيران.
وتقدمت رأس الخيمة في 23/12/1971 بطلب الانضمام إلى الاتحاد، وفي 10/2/1972 تمت الموافقة على قبولها في عضوية الاتحاد بقرار صادر من المجلس الأعلى، وبذلك اكتمل كيان الاتحاد، والذي أصبح يعرف رسميا بدولة الإمارات العربية المتحدة.
ومن العوامل التي أدت لقيام الاتحاد بين الإمارات السبع:
اللغة المشتركة
الدين
تشابه العادات والتقاليد
تكامل التضاريس وتداخلها
الموارد المتماثلة
تقاسم المصالح والطموحات
وتتمتع دولة الإمارات العربية المتحدة بالاستقلال التام والسيادة الكاملة، وشعب كافة الإمارات واحد، ولمواطنيه جنسية واحدة وهي جنسية دولة الإمارات العربية المتحدة. وللاتحاد علمه، وشعاره، ونشيده الوطني.
أهداف قيام دولة الإمارات العربية المتحدة
حدّد دستور دولة الإمارات العربية المتحدة بأن مصلحة الاتحاد هي الغاية الأسمى، ويرسم أبرز أهداف الدولة وهي:
الحفاظ على استقلال وسيادة وأمن واستقرار الدولة الاتحادية، وكل من إماراتها الأعضاء
حماية حقوق وحريات شعب الاتحاد، وتحقيق التعاون بين إماراته للصالح العام للدولة
توفير الحياة الأفضل لجميع المواطنين
احترام كل إمارة عضو لاستقلال وسيادة الإمارات الأخرى في شؤونها الداخلية بحسب الدستور
الاعتراف الدولي بدولة الإمارات العربية المتحدة
انضمت دولة الإمارات إلى عضوية الجامعة العربية في 2 ديسمبر1971، وأصبحت بذلك العضو الثامن عشر بالجامعة.
في 9 ديسمبر 1971، وافق مجلس الأمن الدولي على انضمامها إلى عضوية الأمم المتحدة.
حصلت على عضوية منظمة التعاون الإسلامي عام 1972.
ساهمت الدولة بإنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981، والذي يضم كل من المملكة العربية السعودية، ودولة الكويت، ودولة الامارات العربية المتحدة، ودولة قطر، ومملكة البحرين، وسلطنة عمان.