ملخص كتاب قصة التتار (من البداية إلى عين جالوت)
بين أيدينا الآن حَدَثٌ من الأحداث المهمة جدًا في تاريخ المسلمين، بل وفي تاريخ الأرض بصفة عامة، وهو حَدَثْ ظهور قوة جديدة رهيبة على سطح الأرض في القرن السابع الهجري. وقد أدَّى ظهور هذه القوة إلى تغييرات هائلة في الدنيا بصفة عامة، وفي أرض الإسلام بصفة خاصة، تلك القوة هي (دولة التتار). وقصة التتار عجيبة حقًا، عجيبة بكل المقاييس، ولولا أنها موثَّقَة في كل المصادر، وبصورة تكاد تَكُون متطابقة في كثير من الأحيان؛ لقلنا أنها خيال، أو أغرب من الخيال. القصة عجيبة لأن التغيير فيها من ضعْف إلى قوة، أو من قوة إلى ضعْف لم يأخذ إلا وقتًا يسيرًا جدًا؛ فما هي إلا أعوام قليلة جدًا حتى يُعِز الله دولة ويُذِل أخرى، ثم تمر أعوام أخرى قليلة فيذل الله -عز وجل -الأولى ويعز الأخرى. والقصة عجيبة أيضًا للمبالَغة الشديدة في الأحداث؛ فهناك مبالَغة في الأرقام في كل حَدَث، مبالغة في أعداد القتلى، وفي أعداد الجيوش، وفي أعداد المدن المنهارة، وفي مساحات البلاد المحتلة، وفي أعداد الخيانات وأسلوبها. كما أن القصة عجيبة لشدة التطابق بينها وبين واقعنا الآن.
1- ظهور التتار
ظهرت دولة التتار في سنة (603هـ) تقريبًا، وكان ظهورها الأول في (منغوليا) في شمال (الصين)، وكان أول زعمائها هو (جنكيزخان). و (جنكيزخان) كلمة تعني: قاهر العالَم، أو مَلِك ملوك العالَم، واسمه الأصلي (تيموجين)، وكان رجلًا سفَّاكًا للدماء، وكان كذلك قائدًا عسكريًا شديد البأس، وكانت له القدرة على تجميع الناس حوله، وبدأ في التوسع تدريجيًّا في المناطق المحيطة به. وسرعان ما اتسعت مملكته حتى بَلَغَتْ حدودها من (كوريا) شرقًا إلى حدود الدولة الخوارزمية الإسلامية غربًا، ومن سهول (سيبريا) شمالًا إلى بحر (الصين) جنوبًا.
كان للتتار ديانة عجيبة هي خليط من أديان مختلِفة؛ فقد جَمَعَ (جنكيزخان) بعض الشرائع من الإسلام، والبعض من المسيحية، والبعض من البوذية، وأضاف من عنده شرائع أخرى، وأَخرج لهم في النهاية كتابًا جعله كالدستور للتتار، وسَمَّي هذا الكتاب بـِِِِـ (الياسك) أو (الياسق).
2- عدو عدوي صديقي
أَرسل الصليبيون وفدًا رفيع المستوى من (أوروبا) إلى (منغوليا)، وهي مسافة تزيد على اثني عشر ألف كيلو متر ذهابًا فقط، يحفزونهم على غزو بلاد المسلمين، وعلى إسقاط الخلافة العباسية، وعلى اقتحام (بغداد) درة العالم الإسلامي في ذلك الوقت، وعَظَّموا لهم جدًا من شأن الخلافة الإسلامية، وذَكَروا لهم أنهم -أي الصليبيين -سيَكونون عونًا لهم في بلاد المسلمين، وعينًا لهم هناك، وبذلك تم إغراء التتار إغراء كاملًا.
وقد حَدَث ما تَوقعه الصليبيون: سال لعاب التتار لأملاك الخلافة العباسية، وقرروا فعلًا غزو هذه البلاد الواسعة الغنية بثرواتها المليئة بالخيرات. هذا مع عدم توافق التتار مع الصليبيين في أمور كثيرة، بل ستدور بينهم بعد ذلك حروب في أماكن متفرقة من العالم، ولكنهم إذا واجهوا أمة الإسلام؛ فإنهم يوحِّدون صفوفهم لحرب الإسلام والمسلمين، وهذا الكلام ليس غريبًا؛ بل هو من الطُّرق الثابتة لأهل الباطل في حربهم مع المسلمين.
لا يستقيم أن يتعامل المسلمون بالمبدأ القائل: "عدوّ عدوّي صديقي"؛ بل لا بد أن يَعرف المسلمون أعداءهم، ولا بد أن يَعرفوا أيضًا أن عدوَّ عدوهم قد يَكون أيضًا عدوهم. نعم قد تتم التحالفات بين المسلمين وبين بعض الأعداء لأجَل معين ولهدف خاص، ولكن ذلك يَكون بلا تفريط في الدِّين، ولا تساهل في الحقوق، ويَكون بحذر كاف، وإلى أَجَل معلوم، لكن لا يصل الأمر أبدًا إلى الولاء والصداقة، ونسيان الحقائق التي ذَكَرها الله - عز وجل - واضحة في كتابه الكريم؛ حيث قال: "ولن تَرضَي عنك اليهود ولا النصارى حتى تَتَّبع مِلَّتهم".
3- الهجوم التتريّ الأول
4- جُبْنٌ وخَوْف يُطْبِق على المكان والزمان
5- لم يَسْلَم من التتار أَحد
6- (هولاكو) والتجهيز لاجتياح (بغداد)
7- سقوط (بغداد) وتدمير المكتبة
8- اجتياح الشام
9- (قطز) ومعركة (عين جالوت)