(ذكر أن إبليس جاء إلى موسى صلوات الله تعالى وسلامه عليه فقال له: أنت الذي اصطفاك الله تعالى برسالته وكلمك تكليماً، وإنما أنا خلق من خلق الله تعالى أردت أن أتوب إلى ربك فاسأله أن يتوب عليّ ففرح بذلك موسى فدعا وصلّى ما شاء الله تعالى. ثم قال: يا رب إنه إبليس خلق من خلقك يسألك التوبة فتب عليه. فقيل له: يا موسى إنه لا يتوب. فقال: يا رب إنه يسألك التوب. فأوحى الله تعالى: إني استجبت لك يا موسى فمره أن يسجد لقبر آدم فأتوب عليه فرجع موسى مسروراً فأخبره بذلك، فغضب من ذلك واستكبر ثم قال: أنا لم أسجد له حياً أأسجد له ميتاً..) هذا الحديث ليس ثابتاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما ذكره بعض أهل التفسير كالسيوطي حيث ذكره عند تفسير قوله تعالى {وَعَلَّمَ ءَادَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} سورة البقرة الآيات 31- 33. قال السيوطي في الدر المنثور:[ أخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان عن ابن عمر قال: لقي إبليس موسى فقال: يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وكلمك تكليماً إذ تبت؟ وأنا أريد أن أتوب فاشفع لي إلى ربي أن يتوب عليَّ قال موسى: نعم. فدعا موسى ربه فقيل: يا موسى قد قضيت حاجتك، فلقي موسى إبليس قال: قد أمرت أن تسجد لقبر آدم ويتاب عليك. فاستكبر وغضب وقال: لم أسجد له حياً أأسجد له ميتاً؟ ثم قال إبليس: يا موسى إن لك عليَّ حقاً بما شفعت لي إلى ربك فاذكرني عند ثلاث لا أهلكك فيهن. اذكرني حين تغضب فإني أجري منك مجرى الدم، واذكرني حين تلقى الزحف فإني آتي ابن آدم حين يلقى الزحف. فأذكره ولده وزوجته حتى يولي، وإياك أن تجالس امرأة ليست بذات محرم فإني رسولها إليك ورسولك إليها.] وذكره السيوطي أيضاً في الجامع الصغير ورمز لضعف الحديث انظر فيض القدير 3/166. اقرأ أيضا: فتح المندل حكم الاستعانة بالجن دون سحر
وكذلك فإن الشيخ الألباني قد ضعف الحديث في ضعيف الجامع الصغير ص 326 حديث رقم 2213 وذكر أن الحكيم الترمذي رواه في كتاب أسرار الحج . وقد ورد هذا الحديث في حادثة أخرى مع نوح عليه السلام كما ذكره السيوطي في الدر المنثور في تفسير سورة هود فقال: [ … وأخرج ابن أبي الدنيا وابن عساكر في مكايد الشيطان عن أبي العالية قال: لما رست السفينة سفينة نوح عليه السلام إذا هو بإبليس على كوتل السفينة...! فقال له نوح عليه السلام: ويلك قد غرق أهل الأرض من أجلك.؟! قال له إبليس: فما أصنع؟ قال: تتوب. قال: فسل ربك هل لي من توبة؟ فدعا نوح ربه، فأوحى إليه أن توبته أن يسجد لقبر آدم. قال: قد جعلت لك توبة قال: وما هي؟ قال: تسجد لقبر آدم. قال: تركته حياً وأسجد له ميتاً؟!.] وبهذا يظهر لنا أن الحديث غير ثابتٍ روايةً كم أنه مردود درايةً فالله سبحانه وتعالى لا يأمر أحداً من خلقه أن يسجد لقبر فإن السجود لغير الله شرك أكبر ويبدو أن الحديث من وضع بعض عباد القبور.