إذا ذُكرت كلمة المديح أو الإنشاد فإن إسم الشيخ العظيم صاحب الصوت الرصين سيد النقشبندي لا بد وأن يحضر، إذ أنه علامة من علامات المديح والابتهالات، الذي ترك لنا باقة من أروع كنوز الإنشاد الديني، وما أن يذكر اسمه يتبادر إلى أذهاننا أنشودة مولاي العظيمة.
وقد كانت حياة شيخنا العظيم سيد النقشبندي مليئة بالعظمة والزهد والورع منذ طفولته، إذ بعد انتقاله إلى من محافظة الدقهلية التي وُلد بها إلى صعيد مصر وهو في سن العاشرة، وقد تعلم الإنشاد الديني في حلقات الذكر من قبل مريدي الطريقة النقشبندية الصوفية، التي نسبت على اسم والده الشيخ الجليل محمد النقشبندي.
وظل النقشبندي في تقواه وورعه بعيدًا عن الأنظار حتى عام 1955، إذ ذاع صيته منذ ذلك العام، في مصر ومن بعدها في العالم العربي والعالمي أجمع، حيث دعاه الرئيس السوري حافظ الأسد لإحياء الليالي الدينية في حلب وحماه ودمشق، ليبرز اسمه أكثر، ومن ثم يزور أبو ظبي والأردن وإيران واليمن وإندونيسيا والمغرب العربي ودول الخليج ومعظم الدول الأفريقية والأسيوية.
كان صوت النقشبندي ولا يزال دائما مميزًا وملفتًا، إذ شهد له الجميع بأن صوته يدخل التقوى في القلوب، وهو ما جعل الناس يطلقون عليه كروان الإنشاد الديني.
أنشودة مولاي
ورغم كون ابتهالات وأناشيد الشيخ سيد النقشبندي هي الأكثر حبًا واستهواءً لدى المستمعين في كل أنحاء العالم إلا أن أنشودة مولاي الذي طلبها الرئيس السادات منه، تظل الأقرب إليهم، رغم رفضه لها في البداية، بسبب تأديتها على ألحان غنائية من قبل بليغ حمدي، ومع إقناع وجدي الحكيم له وسماع لحنها قبل شيخنا باللحن وتعاون مع بليغ حمدي في 6 ابتهالات أخرى.
ولأن صوت النقشبندي كان مؤثرًا في عموم الشعب فقد طُلب منه أن يؤدي يوميًا دعاء في الإذاعة في رمضان بعد آذان المغرب، وهو ما جعل اسمه مرتبطًا بشهر رمضان المبارك حتى يومنا هذا.
لكن تأتي النهاية الحزينة دائمًا بشكل سريع يوم 14 فبراير من عام 1976، فبعد تسجيله دعاء سبحانك ربي سبحانك في مبنى الإذاعة والتليفزيون، وعودته إلى بلدة سكنه طنطا تعرض لأزمة قلبية مفاجئة، وصعدت روحه إلى بارئها عن عمر لم يتجاوز الـ 56 عامًا، تاركًا في جيبه وصيته الأخيرة، التي جاء بها : أشعر أنى سأموت الليلة أوصيكم خيرا بزوجتي وأبنائي، لا تقيموا لي مأتم وادفنوني إلى جوار والدتي.