في ذكري مولده.. أربعة من آل بيت النبي كرم الله مصر بأن حوت أجسادهم الطاهرة
زادت أرض مصر بركة ونورا عندما هاجر إليها آل بيت النبوة طلبا للأمن والامان، بعد ما تعرضوا لمضايقات واضطهاد وصلت للقتل، في فترات متعددة زمن الخلافة الأموية والعباسية، فلجأوا إلي مصر و عاشوا فيها، و كرم الله ثراها بأن حوت أجسادهم الطاهرة.
ولفظ آل البيت النبوة يطلق علي كل من هم من نسل فاطمة الزهراء بنت محمد صلي الله عليه وسلم وعلي إبن أبي طالب وهما الحسن و الحسين وزينب، حيث عرف عن أهل مصر حبهم لآل البيت، و تبركهم بهم، فكثرت الأضرحة التي تحمل اسمائهم فمن من آل البيت جاء إلي مصر ؟ و من منهم دُفن فيها ؟
أولهم الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وإليه ينسب المشهد الحسيني في الأزهر، والحقيقة أن الإمام الحسين لم يزر مصر أبداً في حياته و لكن رأسه وصلت إلي مصر وفقاً لبعض أقوال المؤرخين.
حيث أكدوا أن الرأس دفنت في مواضع كثيرة قبل أن تستقر في مدينة عسقلان في فلسطين، و عندما جاءت الحملات الصليبية علي الشام وفلسطين، خشي الفاطميين أن يصل الصليبيين إلي رأس الحسين، فقامت الحامية الفاطمية في عسقلان بأخذ الرأس الشريف و حملتها إلي مصر.
وقد أمر الخليفة الفائز الفاطمي في مصر بحفظ رأس الإمام الحسين في علبة في أحد سراديب قصر الزمرد، إلي أن تم بناء مشهد لها بالقرب من الجامع الأزهر الشريف و ذلك في عام 1154 ميلاديا / 549 هجريا ، و هو المشهد الحسيني الموجود حالياً مواجهاً لجامع الأزهر.
أما ثاني أهم شخصيات آل البيت التي حضرت إلي مصر فهي عقيلة بني هاشم السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب و أخت الحسين بن علي، فبعد مقتل الحسين بن علي رضي الله عنه في كربلاء، سيقت نساء أهل بيته إلي الخليفة الأموي يزيد بن معاوية الذي سأل السيدة زينب عن المكان الذي تختاره لإقامتها فاختارت المدينة المنورة، و لكن وجودها في المدينة أجج نيران الثورة ضد الخلافة الأموية، فأمرها والي المدينة بالرحيل عنها، فاختارت مصر لتقيم فيها.
وصلت السيدة زينب بنت علي إلي مصر في شعبان عام 61هجريا، وخرج لاستقبالها جموع المسلمين و علي رأسهم والي مصر الأموي مسلمة بن مخلد الأنصاري. و أقامت السيدة زينب في بيت الوالي حتي وافتها المنية بعد عام واحد من قدومها إلي مصر يوم 14 رجب من عام 62 هجريا، و دفنت في بيت الوالي، الذي تحول إلي ضريح لها ، ويقع ضريح السيدة زينب في المسجد الذي سمي باسمها في الحي الذي سمي باسمها و هو حي السيدة زينب.
والشخصية الثالثة هي السيدة نفيسة ابنة الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، فهي أبنة حفيد الحسن بن علي بن أبي طالب و صاحبة المقام الشهير باسمها في مصر القديمة.
وجاءت السيدة نفيسة إلي مصر يوم السبت 26 رمضان 193 هجريا، ففرح المصريون فرحاً عظيماً و استقبلوها استقبالاً حافلاً من العريش حتي وصلت مدينة مصر ( الفسطاط)، وسكنت السيدة نفيسة في بيت وهبه لها واحد من كبار التجار و يسمي جمال الدين عبد الله الجصاص، ثم انتقلت لتقيم في بيت أم هانئ و هي من العابدات. و أخيراً انتقلت لدار وهبها لها والي مصر السري بن الحكم و كان ذلك عام 201 هجريا، و هي الدار الذي دفنت فيها بعد ذلك.
وبعد تكاثر الناس علي زيارة السيدة نفيسة حتي أرادت الرحيل مرة أخري للحجاز و قالت «أنا أمرأة ضعيفة و قد شغلوني عن جمع زادي لميعادي، و مكاني ضاق بهذا الجمع الكثيف» فسألها والي مصر السري بن الحكم في البقاء في مصر، ووهب لها داراً واسعة تتسع للوافدين، وهي الدار التي انتقلت لها، حدد للناس يومين فقط في الأسبوع لزيارة السيدة نفيسة حتي لا يشغلها الناس عن العبادة و الطاعات. فقبلت ذلك، وعاشت السيدة نفيسة في مصر حوالي 7 سنوات، حتي مرضت و ماتت عام 208 هجريا و دفنت بنفس الدار التي كانت تقيم فيها.
والشخصية الرابعة هي السيدة عائشة بنت الإمام جعفر بن محمد باقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فهي من آل البيت ،جاءت إلي مصر في عهد الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور هرباً من بطشه بآل البيت، فأقامت في مصر مدة، و كثر مريدوها من أهل مصر، و توفيت سنة 145 هجريا، و دفنت في منزلها
أجمع المؤرخون علي قدوم السيدة عائشة إلي مصر ووفاتها فيها، و يقول السخاوي في (تحفة الأحباب) أن السيدة عائشة مدفونة في مصر، و أنه عاين قبرها في تربة قديمة علي بابها لوح رخامي مدون عليه "هذا قبر السيدة الشريفة عائشة من أولاد جعفر الصادق ابن الإمام محمد باقر ابن الإمام علي زين العابدين ابن الإمام الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه".
هذه هي أهم أربع شخصيات من آل البيت أكد معظم المؤرخون علي قدومهم إلي مصر، و أنهم بالفعل أصحاب الأضرحة الموجودة باسمائهم الآن.
جديرا بالذكر أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، أمر بترميم وتجديد مقامات وأضرحة آل البيت، خاصة ضريح السيدة نفيسة، والسيدة زينب، والإمام الحسين بن علي، بشكل متكامل.
وقالت الرئاسة المصرية، في بيان لها في وقت سابق إن الرئيس السيسي اجتمع مع رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، اللواء إيهاب الفار، وأن التوجيه شمل ترميم الصالات الداخلية بالمساجد وما بها من زخارف معمارية راقية وغنية، تماشيا مع الطابع التاريخي والروحاني للأضرحة والمقامات، وذلك جنبا إلى جنب مع تطوير كافة الطرق والميادين والمرافق المحيطة والمؤدية لتلك المواقع.