اليوم الخامس عشر :-
الشهيد / المجاهد الصحابي البراء بن مالك
الذي كان لا يهاب القتل أو الموت الموقن بالشهادة في سبيل الله التي طلبها في كل معاركه، حتى نالها في تستر.
هو الصحابي الجليل البراء بن مالك بن النضر الأنصاري أخو أنس بن مالك لأبيه وأمه . ولد البراء بن مالك بالمدينة وبها عاش إلى أن خرج مقاتلاً في سبيل الله في اليمامة وفي أرض الفرس حتى لقي الله شهيدًا ،
إنه المقدام الباسل الذي كتب الفاروق بشأنه إلى عماله في الآفاق، قائلا: "لا تولوا البراء بن مالك جيشا من جيوش المسلمين مخافة أن يهلك جنده بإقدامه".
وكان قلبه منعقدًا بطلب الشهادة في سبيل الله سائلاً الله بلسانه أن يتقبله الله في قافلة الشهداء وقد كان إنه المقاتل المجاهد الشهيد البراء بن مالك. ففي معركة اليمامة : لما انتهى أصحاب مسيلمة إلى حائط حفير فتحصنوا به وأغلقوا الباب فقال البراء بن مالك ضعوني على برش واحملوني على رؤوس الرماح ثم ألقوني من أعلاها داخل الباب ففعلوا ذلك وألقوه عليهم فوقع وقام وقاتل المشركين وقتل مسيلمة،
وطفق يخوض المعارك واحدة بعد الأخرى؛ شوقا إلى تحقيق أمنيته الكبرى، وحنينا إلى اللحاق بالنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، حتى كان يوم فتح "تستر" من بلاد فارس، وفيها: حصلت له قصته البطولية الثانية، فقد تحصن الفرس في إحدى القلاع الممردة، فحاصرهم المسلمون، ولما طال الحصار، واشتد البلاء على الفرس، جعلوا يدلون من فوق أسوار القلعة، سلاسل من حديد، علقت بها كلاليب من فولاذ، حميت بالنار، حتى غدت أشدَّ توهجا من الجمر، فكانت تنشب في أجساد المسلمين، وتَعْلَقُ بهم، فيرفعونهم إليهم إما موتى، أو على مشارف الموت، فعلِق كلاب منها بأخيه أنس بن مالك.
فقالوا له: يا براء أدرك أخاك، فأقبل مسرعا، فما إن رآه قد رفعوه إليهم، حتى وثب على جدار الحصن، وأمسك بالسلسلة التي تحمل أخاه، وجعل يعالج الكلاب ليخرجه من جسده، فأخذت يداه تحترقان، وتدخنان فلم يأبه لها، حتى قطع الحبل ثم نظر إلى يديه، فإذا عظامه تلوح قد ذهب ما عليها من اللحم، وأنقذ أخاه من تلك الكلاليب.
وفي تلك المعركة قتل البراء يومها مئة مبارز، حتى إذا كان آخر الزحف، أتى المسلمون للبراء، وقالوا له: "أقسم على ربك يا براء ليهزمنهم لنا"؛ لأنه كان مجاب الدعوة، وإذا أقسم على الله أبر الله قسمه.
وهكذا انتهت حياة الشهيد المجاهد الصحابي البراء بن مالك الذي كان لا يهاب القتل أو الموت الموقن بالشهادة في سبيل الله التي طلبها في كل معاركه، حتى نالها في تستر.
فرضي الله عن هذا البطل الكرار، ورضي الله عن أمه أم سليم التي ربت فأحسنت التربية، فكانت هي وابنُها أنسٌ وابنها البراءُ من عظماء الإسلام، ومن مشاهـير التاريخ في الإيمان والخير، ورضي الله عن الصحابة أجمعين