يبدو أن صراعاً محموماً يتشكل في الأفق بين نخبة الأغنياء، حول أسبقية التتويج بلقب أول تريليونير في التاريخ، وهو الشخص الذي يمتلك تريليون دولار (ألف مليار دولار)، وقد عاد الأمر إلى الواجهة مجدداً منتصف هذا الأسبوع عندما أعلن عن تخطي ثروة جيف بيزوس، مؤسس أمازون، مبلغ 200 مليار دولار، ليصبح فعلياً أغنى رجل في العالم، متجاوزاً غريمه إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، والذي احتفظ باللقب تسعة أشهر مع ثروة تقدر بنحو 197.7 مليار دولار، والواقع، أن وصول بيزوس إلى قمة هرم الثروة ليس أمراً غريباً، فقد سبق أن اعتلاها للمرة الأولى في عام 2017، عندما تفوق على بيل جيتس، مؤسس "مايكروسوفت".
مع وجود حوالي 2700 ملياردير حول العالم اليوم، يبدو السؤال المنطقي حول إرادة الوصول لهذا اللقب الفخم، فهل هناك فعلاً من يريد أو يعمل بجد للوصول لهذه القمة؟.. في كل الأحوال، سيقوم شخص ما مستقبلاً بهذه القفزة الهائلة، عاجلاً أم آجلاً، وبالرغم من تأخر إيلون ماسك من صدارة أغنياء العالم إلى الوصافة في الوقت الراهن، إلا أنه يظل المصنف الأول لتحقيق التريليون، لعدة أسباب، أهمها أنه لا يزال صغيراً نسبياً (52 عاماً)، بالمقارنة مع جيف بيزوس (60 عاماً)، وهذا الأمر ليس بعيد المنال، فقد يكون واقعاً بعد عدة سنوات فقط، خاصة مع استمرار وصول المزيد من الشركات إلى نادي التريليون، وليس غريباً أن يحقق أحدهم هذا الإنجاز التاريخي خلال العقد الحالي.
بالرغم من أن أغنى 10 أثرياء في العالم ازدادوا غنى بنحو 500 مليار دولار خلال عام 2023، إلا أن أياً منهم لم يقترب بعد من إنجاز حلم التريليون، وربما يكون إيلون ماسك، الملياردير الأوفر حظاً للوصول إلى عتبة التريليون، فقد قفزت ثروته الشخصية من 92 مليار دولار إلى 229 مليار دولار في 2023، بزيادة قدرها 67.2 %، وفي حال استطاع الحفاظ على هذا المعدل القوي لنمو الثروة، فإن ماسك قد يصبح تريليونيراً بحلول عام 2028، لكن ما يعرقله حالياً، هو تعثر سهم شركته "تسلا" بنحو 50 % عن ذروته في 2021، وقد تكون الأعوام المقبلة مليئة بالمطبات لشركته التي تواجه منافسة شديدة من شركات السيارات الكهربائية الصينية.
اتساقاً مع العصر، فقد تكون أولى مواصفات التريليونير القادم هي أنه يتقن الذكاء الاصطناعي وجميع مشتقاته ويطبقه بطريقة لم يفكر بها نظراؤه أبداً، ومع ذلك، يجب أن ندرك أنه لا توجد منفعة شخصية واضحة من أن يصبح أحد فاحشي الثراء تريليونيراً، لأن ذلك قد يجعله هدفاً سياسياً، لكن المفارقة الكبرى، هي أن معظم الطفرات الهائلة لتراكم الثروات تتزامن مع أزمات طاحنة تضرب الاقتصاد العالمي، وتسحق الطبقة العاملة العريضة، والمتوسطة، ومع ذلك، فإن تكوين الثروات يأتي من رحم الأزمات التي تعد البيئة الطبيعية لولادة الثروات الاستثنائية وتكاثرها بمعدلات خرافية، خاصة عندما ينتهز هذه الأزمات عباقرة التجارة ممن يملكون خيالاً مبدعاً، وديناميكية في الحركة، ورؤية في التخطيط، والتنفيذ، والمتابعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ