السلام عليكم ورحمة الله، والسلام لنا جميعا، بإذن الله.
قد جئت إليكم اليوم على قَدَمَيْن ثابتَتَيْن، لكي نبني حياة جديدة، لكي نُقِيم السلام. وكلنا على هذه الأرض، أرض الله، كلنا، مسلمين ومسيحيين ويهود، نعبد الله، ولا نشرك به أحدا. وتعاليم الله ووصاياه، هي حب وصدق وطهارة وسلام.
إنني لم أجئ إليكم لكي أعقد اتفاقًا منفردًا بين مصر وإسرائيل. ليس هذا واردًا في سياسة مصر. فليست المشكلة هي مصر وإسرائيل. وأي سلام منفرد بين مصر وإسرائيل، أو بين أية دولة من دول المواجهة وإسرائيل، فإنه لن يُقِيم السلام الدائم، العادل، في المنطقة كلها. بل أكثر من ذلك، فإنه حتى لو تحقق السلام بين دول المواجهة كلها وإسرائيل، بغير حل عادل للمشكلة الفلسطينية، فإنَّ ذلك لن يحقق أبدًا السلام الدائم، العادل، الذي يلحّ العالم كله اليوم عليه.
لقد كان بيننا وبينكم جدار ضخم مرتفع، حاولتم أن تبنُوه على مدى ربع قرن من الزمان. ولكنه تحطم في عام 1973.
إنني أحمل إليكم من شعب مصر، الذي يُبارك هذه الرسالة المقدسة من أجل السلام، أحمل إليكم رسالة السلام، رسالة شعب مصر، الذي لا يعرف التعصب، والذي يعيش أبناؤه، من مسلمين ومسيحيين ويهود، بروح المودّة والحب والتسامح. هذه هي مصر، التي حمّلني شعبها أمانة الرسالة المقدسة، رسالة الأمن والأمان والسلام.
فيا كل رجل وامرأة وطفل في إسرائيل: شجعوا قيادتكم على نضال السلام، ولتتجه الجهود إلى بناء صرْح شامخ للسلام، بدلاً من بناء القلاع والمخابئ المحصنة بصواريخ الدمار. قدّموا للعالم صورة الإنسان الجديد في هذه المنطقة من العالم، لكي يكون قدوة الإنسان العصر، إنسان السلام في كل موقع ومكان.
بشّروا أبناءكم، أن ما مضى هو آخر الحروب ونهاية الآلام، وأن ما هو قادم هو البداية الجديدة، للحياة الجديدة، حياة الحب والخير والحرية والسلام.
ويا أيتها الأم الثكلى،
ويا أيتها الزوجة المترملة،
ويا أيها الابن الذي فقد الأخ والأب،
يا كل ضحايا الحروب،
- املئوا الأرض والفضاء بتراتيل السلام.
- املئوا الصدور والقلوب بآمال السلام.
- اجعلوا الأنشودة حقيقة تعيش وتثمر.
- اجعلوا الأمل دستور عمل ونضال.
وإرادة الشعوب هو من إرادة الله.
أيها السيدات والسادة
قبل أن أصل إلى هذا المكان، توجّهت بكل نبضة في قلبي، وبكل خلجة في ضميري، إلى الله - سبحانه وتعالى - وأنا أؤدي صلاة العيد في المسجد الأقصى، وأنا أزور كنيسة القيامة، توجهت إلى الله - سبحانه وتعالى - بالدعاء أن يلهمني القوة، وأن يؤكد يقين إيماني بأن تحقّق هذه الزيارة أهدافها، التي أرجوها، من أجل حاضر سعيد، ومستقبل أكثر سعادة.
لقد اخترت أن أخرج على كل السوابق والتقاليد، التي عرفتها الدول المتحاربة، ورغم أن احتلال الأرض العربية ما زال قائمًا، بل كان إعلاني عن استعدادي للحضور إلى إسرائيل مفاجأة كبرى، هزّت كثيرًا من المشاعر، وأذهلت كثيرا من العقول، بل شككت في نواياها بعض الآراء، برغم كل ذلك، فإنني استلهمت القرار بكل صفاء الإيمان وطهارته، وبكل التعبير الصادق عن إرادة شعبي ونواياه، واخترت هذا الطريق الصعب، بل إنه في نظر الكثيرين أصعب طريق.
اخترت أن أحضر إليكم، بالقلب المفتوح والفكر المفتوح.
اخترت أن أعطي هذه الدفعة لكل الجهود العالمية المبذولة من أجل السلام.
اخترت أن أقدم لكم، وفي بيتكم، الحقائق المجرّدة عن الأغراض والأهواء.
لا لكي أناور، ولا لكي أكسب جولة، ولكن لكي نكسب معًا أخطر الجولات والمعارك في التاريخ المعاصر، معركة السلام العادل والدائم.
إنها ليست معركتي فقط، ولا هي معركة القيادات فقط في إسرائيل، ولكنها معركة كل مواطن على أرضنا جميعًا، من حقّه أن يعيش في سلام. إنها التزام الضمير والمسؤولية في قلوب الملايين.
ألا هل بلّغت؟ اللهّم فاشهد.
اللهم إنني أردد مع زكريا قوله: " أحبوا الحقّ والسلام".
وأستلهم آيات الله - العزيز الحكيم - حين قال: " قُلْ آمنَّا باللهِ ومَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ و اسماعيل وإسْحَقَ وَيَعْقُوبَ والأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى والنَّبِيُّونَ مِن رَّبِهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُون " صدق الله العظيم.
والسلام عليكم.