لا يخفى على أحد أن الجميع يجري ويبذل جهده ووقته وماله من أجل مسميات كثيرة كالنجاح، التفوق، التميز، الرضا، المركز الأول وغيرها فقط من أجل الوصول إلى مشاعر مكنونة بداخلنا في لؤلؤة في أعماق النفس تسمى ” راحة البال”.
قد يتبادر الى ذهنك بمجرد سماع راحة البال أنها تتمثل في حياة خالية من المشاكل، أو جسد خال من الأمراض، أو ذرية بارة بوالديها، أو استقرار مادي وثراء، أو تفوق دراسي ومركز علمي واجتماعي مرموق …الخ من نعم الله عز وجل التي لا ننكر أنها تسعد حياتنا وتريح بالنا، ولكن ماذا لو لم نمتلك كل هذه النعم، أو لدينا البعض وينقصنا البعض الآخر؟؟
ما هي راحة البال؟
راحة البال تختلف بتعريفها حسب احتياج وشعور كل من يبحث عنها. فهي الوجه الآخر للسعادة ، النفس المطمئنة، هدوء شتات العقل وتسارع أفكاره، الطعم لحلو لكل مواقف الحياة.
الأمنية التي يتمناها كل من يسعى لهدف معين، أو الشعور الخفي الذي نطارده دوما حتى اذا اقتربنا منه دبت فينا روح الحياة الحقيقية التي تضمن الفلاح والبصيرة في قراراتنا الحياتية.
من أين تأتي راحة البال؟
1- التقبل:
أن تكون مرتاح البال لا يعني أن لديك كل ما تتمنى، وأن يومك لا تشوبه شائبة حزن وانما تعني أنك متقبل لكل ما يمر بك وتتعامل معه بحياد. ما نعايشه من أقدار نسبي للجميع فهو ليس جيد مئة بالمئة وليس سيئ مئة بالمئة. فما تتمناه عند غيرك وتحسده عليه يعايشه هو منتهى العذاب ويشكو حظه من وجوده. أنت من يحكم على ما يعايشه ويعطيه قدرة أو يعجزه.
فلماذا لا تختار اليسر الذي وعدنا الله عزوجل به مع كل عسير؟
ولماذا لا ترى وتركز على الجانب الإيجابي والممكن الذي عنده يفتح الباب للتغييرالذي تريد؟
عندما تتقبل ما يأتيك من الله تعالى ايمانا منك بأن رب الخير لا يأتي إلا بالخير وأن ما تراه عسيرا جاء ليجعلك أقوى وليس ليضعفك.
2-الحضور:
اذا أردنا تلخيص الراحة النفسية أو راحة البال في كلمة واحدة فستكون” الحضور ” أو عيش اللحظة وتعني الشعور الممتع بالإنسجام الداخلي لكل خلايا جسدك وهدوء صراع الأفكار بداخل عقلك ” فلا ندم على ماضي ولا قلق من مستقبل ” وانما استمتاع وحب للحظة الحالية والغوص تماما فيها والسعي بما تمتلك وعدم التعلق بالنتيجة فما عليك سوى السعي والتسليم لرب الأسباب
الشعور بالأمل والبشارة بالخير والمزاج الرائع ومن ثم جمال الحياة وسعادة القادم.
3- الإمتنان:
لم يخلقنا الله الكريم مفلسين، حاشاه الغني أن يترك عباده الذي فضلهم وكرمهم فقراء. كل منا جاء إلى الدنيا ومعه من الهبات الربانية المكنونة مايجعله يحقق ما يتمنى ولكننا لا نراها أو نهملها او نكتفي بأن نتحسر على أحوالنا ونحسد غيرنا على ما أتاهم الله دون أن نكلف نفسنا البحث عن عطاياه لنا. قد تكون قوتك في أنك تستطيع كسب القلوب بلسانك أو بحسن أخلاقك أو بجميل أسديته لعجوز بشارع أو فقير ببيته فأنت لاتعلم من سيوصل خير الله لك
فيفتح الله عزوجل باب لك من حيث لا تحتسب لانك تجاهد في سبيله وتبحث عن عطاياه لأنك آمنت به وصدقت كلامه.
وعندما تجد عملاتك النادرة التي باستغلالها الاستغلال الأمثل تستطيع الحصول على ماتتمنى واكثرفقط ابحث.. واعمل.. ودع الجزاء لرب لا تأخذه عنك سنة ولا نوم سبحانه يعطي بدون حساب من خير لا ينفد.
4- التدرج:
سبحان من خلق السموات والأرض في ستة أيام وهو الذي يقول للشئ كن فيكون. الحقيقة الواضحة لكل من سار بدروب الحياة المختلفة السعيد منها والحزين أن المتعة دائما ما كانت بالرحلة نفسها وليس بالوصول فما يدوم بذكرياتنا هو المواقف والأشخاص والتحديات ومواجهتنا لها خلال طريقنا للوصول ولحظة الوصول نسعد بها ولكنها لحظة وما يتبقى ويبقى هو ذكرياتنا مع السعي لها.
تعلم .. تدرب .. استمر.. حاول.. قم اذا وقعت بيد تساعد أو بدونها
اصبر صبرا جميلا فأنت ترى ما تتمناه من بعيد وتذهب اليه وأنت مطمئن أنه لك وأنك ستصل لذلك تواصل السعي وأنت مرتاح البال.
5- غذاء الروح:
مثلما تعتني بجسدك وتغذيه وتبحث عما يفيده من أطعمه وتمارس الرياضة من أجله وتنوع في الأطعمة حتى تشعر برضاء جسدك وصحته، فهل فعلت الأمر نفسه مع روحك؟؟
هل تعلم أن روحك تتغذى وتجوع اذا حرمتها من غذاءها وتتعطل عن العمل بسبب ذلك؟
هل فكرت يوما ما هو غذاء روحك؟ومتى تعلم أنها محرومة منه؟
– الروح مثل الجسد بل أكثر عناية بنوعية الطعام الذي تحتاجه فهي الأساس فاذا صلحت صلح جسدك وطاب يومك، كما أنها تتغذى من أفكارك فانظر ماذا تعطيها يوميا من مغذيات وسموم.
– تحتاج هي أن تتدلل فهي حبيبتك المكنونة بداخلك تجلس معها بعض الوقت حتى لو 5 دقائق يوميا تسكت كل الأصوات الا نغمات همسها لك.
– تأخذها في نزهة في الطبيعة فتتأملا معا صوت الطير أو نسمات هواء مارة أو رائحة زهرة زاهية الألوان أو أغنية تضحك الدنيا بعينك عند سماعها.
– اعطها الفرصة تعطيك النشاط والحيوية، الأمل والتفاؤل حتى تستطيع أن تكمل مشوارك بدعمها.
– ابحث عن مصدر وجعها فأنت وحدك تعلم ما تندم عليه من ماضيك أو ما تقلق عليه من مستقبلك ضع لذلك حدا فأنت لا تملك سوى لحظتك الحالية وهي هدية روحك لك فاقبل الهدية وأحسن التعامل معها.
– دعها تذكرك بالذكريات الحلوة التي سعدتم بها معا ارتبط بهذه الذكرى وتمسك بها فمثلما صنعتها فأنت قادر على صناعة الأكثر والأسعد منها.
سيظل الجميع يبحث عن السعادة وراحة البال الى أن تنتهي الحياة الدنيا وما يغيب عن المعظم أنه لو أسكت عقله للحظه واستمتع بكونه يتنفس فقط فقط يدخل الهواء رئتيه ويخرج بدون ألم لعلم أنه يمتلك الأرض وما عليها ومن يقدر نعم الله عليه ولو كانت قليلة يشكر الله تعالى له شكره ويزيده من فضله ويعطيه الكثير والكثيرة.
عزيزي القارئ انظر حولك وعدد نعمك فأنت من يسير كونه بأمره وأفكاره فلا ترى الا طيب ولا تقبل الا تفاؤل وأيقن بأن الله معك وماذا بعده الأعلى رب المشارق والمغارب ماذا ستحتاج حتى تطمئن ويرتاح بالك.؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ