أشموئيل وطالوت وجالوت
قصص من زمان بعض الأنبياء(ع)
ففي تفسير علي بن إبراهيم بإسناده إلى أبي جعفر عليه السلام: أن بني إسرائيل بعد موسى عملوا بالمعاصي و غيروا دين الله و عتوا عن أمر ربهم و كان فيهم نبي يأمرهم و ينهاهم فلم يطيعوه
ففي تفسير علي بن إبراهيم بإسناده إلى أبي جعفر عليه السلام: أن بني إسرائيل بعد موسى عملوا بالمعاصي وغيروا دين الله وعتوا عن أمر ربهم وكان فيهم نبي يأمرهم وينهاهم فلم يطيعوه.
و روي أنه أرميا النبي فسلط الله عليهم جالوت وهو من القبط فأذلهم وقتل رجالهم وأخرجهم من ديارهم وسلب أموالهم واستعبد نساءهم ففزعوا إلى نبيهم وقالوا اسأل الله أن يبعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله وكانت النبوة في بني إسرائيل في بيت والملك والسلطان في بيت آخر لم يجمع الله لهم الملك والنبوة في بيت فمن ذلك قالوا ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله فقال لهم نبيهم هل عسيتم إن كتب عليكم القتال أن لا تقاتلوا قالو وما لنا أن لا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارن وأبنائنا.
و كان كما قال الله تبارك وتعالى ﴿ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ف قالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكا﴾ً فغضبوا من ذلك وقالوا أنى يكون له الملك علين ولم يؤت سعة من المال.
و كانت النبوة في ولد لاوي والملك في ولد يوسف وكان طالوت من ولد ابن يامين أخي يوسف لأمه لم يكن من بيت النبوة ولا من بيت المملكة.
فقال لهم نبيهم إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء وكان أعظمهم جسم وكان شجاعا قوي وكان أعلمهم إلا أنه كان فقيرا فعابوه بالفقر فقالوا لم يؤت سعة من المال فقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك موسى وآل هارون تحمله الملائكة وكان التابوت الذي أنزله الله على أم موسى فوضعته فيه أمه وألقته في اليم فكان بنو إسرائيل يتبركون به.
فلما حضرت موسى عليه السلام الوفاة وضع فيه الألواح ودرعه وما كان عنده من آيات النبوة وأودعه يوشع وصيه فلم يزل التابوت بينهم حتى استخفوا به وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات فلم يزل بنو إسرائيل في عز وشرف ما دام التابوت عندهم فلما عملوا بالمعاصي واستخفوا بالتابوت رفعه الله منهم.
فلما سألوا النبي وبعث الله إليهم طالوت ملكا يقاتل معهم رد الله عليهم التابوت كما قال الله تعالى ﴿ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ﴾.
قال البقية ميراث الأنبياء.
قوله ﴿ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ فإن التابوت كان يوضع بين يدي العدو وبين المسلمين فيخرج منه ريح طيبة لها وجه كوجه الإنسان.
و عن الرضا عليه السلام قال: السكينة ريح من الجنة لها وجه كوجه الإنسان.
و كان التابوت إذا وضع بين يدي المسلمين والكفار فإن تقدم التابوت رجل لا يرجع حتى يقتله ويغلب ومن رجع عن التابوت قتله الإمام.
فأوحى الله إلى نبيهم أن جالوت يقتله من يستوي عليه درع موسى عليه السلام وهو رجل من ولد لاوي بن يعقوب اسمه داود بن آشي راعي وكان له عشرة بنين أصغرهم داود.
فلما بعث طالوت إلى بني إسرائيل وجمعهم لحرب جالوت بعث إلى آشي أن احضر وأحضر ولدك فلما حضر ودعا واحدا واحدا من ولده فألبسه الدرع درع موسى عليه السلام فمنهم من طالت عليه ومنهم من قصرت عنه فقال لأشي هل خلفت من ولدك أحدا قال نعم أصغرهم تركته في الغنم راعيا فبعث إليه فجاء به فلما دعاه أقبل ومعه مقلاع فنادته ثلاث صخرات في طريقه فقالت يا داود خذنا فأخذها في مخلاته وكان شديد البطش قويا.
فلما جاء إلى طالوت ألبسه درع موسى عليه السلام فاستوى عليه ففصل طالوت بالجنود وقال لهم نبيهم يا بني إسرائيل إن الله مبتليكم بنهر في هذه المفازة فمن شرب منه فليس من الله ومن لم يشرب فهو من الله إلا من اغترف غرفة بيده.
فلما وردوا النهر أطلق الله لهم أن يغرف كل واحد منهم غرفة فشربوا منه إلا قليلا منهم فالذين شربوا كانوا ستين ألف والقليل الذين لم يشربو ولم يغترفوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا.
فلما جاوزوا النهر ونظروا إلى الجنود قال الذين شربوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده وقال الذين لم يشربوا ربنا أفرغ علينا صبر وثبت أقدامن وانصرنا على القوم الكافرين. فجاء داود فوقف بحذاء جالوت وكان جالوت على الفيل وعلى رأسه التاج وفي جبهته ياقوتة يلمع نوره وجنوده بين يديه فأخذ داود من تلك الأحجار حجرا فرمى به ميمنة جالوت فمر في الهواء ووقع عليهم فانهزمو وأخذ حجرا آخر فرمى به ميسرة جالوت فانهزمو ورمى جالوت بحجر فصكت الياقوتة في جبهته ووصلت إلى دماغه ووقع إلى الأرض ميتا. وهو قوله ﴿ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ﴾.
و قال أمين الإسلام الطبرسي في قوله ﴿ وقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمُْ﴾ اختلف في ذلك النبي.
فقيل اسمه شمعون بن صفية من ولد لاوي.
و قيل: هو يوشع.
و قيل: هو أشموئيل وهو بالعربية إسماعيل عن أكثر المفسرين وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام.
و قوله ﴿ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ فاختلف في سبب سؤالهم.
فقيل كان سببه استذلال الجبابرة لهم لما ظهروا على بني إسرائيل وغلبوهم على كثير من ديارهم بعد أن كانت الخطايا كثرت في بني إسرائيل فبعث لهم أشموئيل نبيا فقالوا له إن كنت صادقا ﴿ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهُِ﴾. وقيل أرادوا العمالقة فسألوا ملكا يكون أميرا عليهم.
و عن أبي الحسن عليه السلام قال: السكينة ريح تخرج من الجنة لها صورة كصورة الإنسان ورائحة طيبة وهي التي أنزلت على إبراهيم صلى الله عليه وآله وسلم فأقبلت تدور حول أركان البيت وهو يضع الأساطين وهذه السكينة كانت في التابوت وكان فيها طشت يغسل فيها قلوب الأنبياء وكان التابوت يدور في بني إسرائيل مع الأنبياء عليه السلام.
ثم أقبل علينا فقال فما تابوتكم قلنا السلاح قال نعم هو تابوتكم.
و عنه عليه السلام: قال كان تابوت موسى عليه السلام ثلاثة أذرع في ذراعين وكان فيه عصا موسى والسكينة روح الله يتكلم كانوا إذا اختلفوا في شيء كلمهم وأخبرهم ببيان ما يريدون.
و روي أنه لما غلب الأعداء على التابوت أدخلوه بيت الأصنام فأصبحت أصنامهم منكسة فأخرجوه ووضعوه في ناحية من المدينة فأخذهم وجع في أعناقهم وكل موضع وضعوه ظهر فيه بلاء وموت ووباء فأشير عليهم بأن يخرجوا التابوت فاجتمع رأيهم أن يأتوا به ويحملوه على عجلة ويشدوها إلى ثورين ففعلوا ذلك وأرسلوا الثورين فجاءت الملائكة وساقوا الثورين إلى بني إسرائيل.
و قال ابن الأثير في الكامل لما انقطع إليا عن بني إسرائيل بعث الله اليسع وكان فيهم ثم قبض وعظمت فيه الأحداث وعندهم التابوت يتوارثونه فيه السكينة فكانوا لا يلقاهم عدو فيقدمون التابوت إلا انهزم العدو وكانت السكينة شبيهة برأس الهر فإذا صرخ في التابوت بصراخ الهر أيقنوا بالنصر.
فلما عظم أحداثهم نزل بهم عدو فخرجوا إليه وأخرجوا التابوت فاقتتلوا فغلبهم عدوهم على التابوت وأخذه منهم وانهزموا فمات ملكهم تحسر ودخل العدو أرضهم ونهب وسبى وعادوا فملكوا على اضطراب من أمرهم واختلاف.
و كان مدة ما بين وفاة يوشع إلى أن رجعت النوبة إلى أشموئيل ستين سنة.
و كان من خبر أشموئيل أن بني إسرائيل لما طال عليهم البلاء وطمع فيهم وأخذ التابوت عنهم فصاروا لا يلقون ملكا إلا خائفين.
فقصدهم جالوت ملك الكنعانيين وكان ملكه ما بين مصر وفلسطين فظفر بهم وضرب عليهم الجزية وأخذ منهم التوراة فدعوا الله أن يبعث لهم نبيا يقاتلون معه وكان سبط النبوة هلكو ولم يبق منهم غير امرأة حبلى فحبسوها في بيت رهبة أن تلد جارية فتبدلها بغلام لما ترى من رغبة بني إسرائيل في ولدها فولدت غلاما سمته أشموئيل ومعناه سمع الله دعائي.
و سبب تسميته أنها كانت عاقر وكان لزوجها امرأة أخرى قد ولدت له عشرة أولاد فبغت عليها بكثرة أولادها فانكسرت العجوز ودعت الله أن يرزقها ولدا فرحم الله تعالى انكساره وحاضت لوقته وقربت زوجها فحملت فولدت غلاما سمته أشموئيل فأرسلته إلى بيت المقدس يتعلم التوراة وكفله شيخ من علمائهم.
فلما بلغ بعثه الله تعالى نبيا إلى قومه فكذبوه تارة وأطاعوه أخرى فأقام يدير أمرهم أربعين سنة وكانت العمالقة مع ملكهم جالوت قد عظمت مكانتهم في بني إسرائيل حتى كادوا يهلكونهم. فلما رأى بنو إسرائيل ذلك قالوا ﴿ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ فدعا الله فأرسل لهم طالوت.
فلما قتل داود جالوت أعطاه طالوت ابنته وزوجها.
و عن أبي عبد الله عليه السلام: إنما مثل السلاح فينا مثل التابوت في بني إسرائيل.
أي كل من وجد التابوت على بابهم أوتوا النبوة فمن صار إليه السلاح منا أوتي الإمامة.
كنز الفوائد ذكروا أن الوليد بن عبد الملك احتاج إلى رصاص أيام بناء مسجد دمشق فقيل إن في الأردن سنارة فيها رصاص فبعث إليها فلما أخذ في حفرها ضرب رجل بمعول فأصاب رجلا في سفط وناله المعول فسال دمه فقيل هذا طالوت الملك فتركه ولم يخرجه.