نساء لهنَّ الفضل في الإسلام إنّ للمرأة مكانة عظيمة في المجتمع، وهي أساسٌ يقوم عليه بناء المجتمع بأكمله؛ فالمرأة مُكمّلة للرجل، وهي سبب لبقاء الجنس البشري واستمراره، وهي الأم والأخت والابنة والزوجة، ولا يُتصور وجود حياةٍ من غير وجودها.[١] وقد جاء الإسلام ليُعلي من شأن المرأة؛ حيث أولى النّساء أهميةً بالغة، وظهر دورهنّ الفاعل في الإسلام منذ بعثة النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وقد برز العديد من النّساء اللاتي لهنّ فضل في الإسلام وكان لهن مواقف مميزة في نُصرة الإسلام، وسيأتي في هذا المقال بيان لأبرز النساء اللاتي تركن أثراً في الإسلام.[١]
خديجة بنت خويلد هي أم المؤمنين والقُرشيّة خديجة بنت خويلد بنت أسد بن عبد العزَّى بن قُصَيّ بن كِلاب، كان لقبها قبل الإسلام الطّاهرة، وأمّها هي فاطمة بنت الأصم، تزوّجها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وهي تبلُغ من العمر أربعين سنة، وكان عمره آنذاك خمساً وعشرين سنة، وكانت أُولى زوجات رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ولم يتزوّج امرأة غيرها طيلة حياتها.[٢] وقد كانت خديجة بنت خويلد أوّل من آمن برسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وأول من صدّقه في دعوته من بين جميع الخلائق، فلم يسبقها للإيمان لا رجل ولا امرأة، وأنجبت خديجة لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أولاده جميعهم من الذكور والإناث، ما عدا ابنه إبراهيم فأمُّه هي مارية القبطية.[٢] وقد تُوفيّت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد في مكة المكرمة وهي تبلغ من العمر خمساً وستين سنة، وكان ذلك قبل هجرة النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- بخمس سنوات، وقيل بأربع، وقيل بثلاث، واستمرّ زواجها من النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- خمساً وعشرين سنة، حتى توفّاها الله -تعالى- ودُفنت بالحجُون.[٢] أسماء بنت أبي بكر هي ابنة الصديق أبو بكر صديق رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ورفيقه في الهجرة، وأختها الصغرى هي عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-، واسم أمها قَتلة وقيل قُتيلة، وقد وُلدت أسماء قبل هجرة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بسبعٍ وعشرين سنة.[٣] وكانت تُلّقب بذات النطاقين؛ وذلك لأنّها شقت نطاقها لتشدّ به الطعام عندما أرادت إيصاله لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ولأبيها أبي بكر الصديق وهما في الغار، ولم تجد ما تلف به الطعام وتشده، فشقت من نطاقها، وتزوّجت أسماء من الصحابي الجليل الزبير بن العوام -رضي الله عنه-.[٣] وتُعدُّ أسماء بنت أبي بكر الصديق من السابقات للإسلام، وكان لها دورٌ فاعلٌ في الدعوة الإسلاميّة، وخاصة عند هجرة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، حيث كانت توصل الطعام للنبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- ولأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وهما في الغار، وهي التي ولدت أول مولود بعد الهجرة، وهو عبد الله بن الزبير الذي عاشت معه بعدما طلّقها زوجها الزبير بن العوام -رضي الله عنه-، وشهدت معه العديد من الأحداث.[٣] رفيدة الأسلمية هي رفيدة الأنصاريّة أو الأسلميّة؛ وهي من قبيلة أسلم، وكان لها دور فاعل في الإسلام خاصة في المعارك والغزوات، حيث كانت تُداوي الجرحى من المسلمين، كما أنّها تُعدُّ أول ممرضة في الإسلام، وكان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قد أوصى الصحابة أن ينقلوا سعد بن معاذ -رضي الله عنه- بعدما أصابه سهم في غزوة الخندق إلى خيمتها، حتى تقوم بعلاجه ورعايته.[٤] أم عمارة هي نُسيبة بنت كعب بن عمرو الأنصاريّة، تُكنّى بأم عمارة وهي من نساء الخزرج، كانت مُجاهدة فاضلة، قدمت الغالي والنّفيس في سبيل الدين الإسلامي، وكان أخوها عبد الله بن كعب المازني من الذين شهدوا غزوة بدر، وكانت أم عمارة من النساء اللاتي شهدنّ بيعة العقبة.[٥] كما أنّها شهدت غزوة أحد مع زوجها غزية بن عمرو واثنين من ابنائها، وقاتلت معهم حتى أنّها جُرحت اثني عشر جرحًا، كما شهدت صلح الحديبية، وغزوة حنين،وواقعة اليمامة، وكان لها العديد من التضحيات والبطولات في ميادين المعارك.[٥] خولة بنت الأزور هي أخت ضرار بن الأزور، اشتُهرت بالجمال، والشجاعة، والبسالة، والفروسية، وكانت قد ذهبت إلى بلاد الشام برفقة أخيها عندما دخلها فاتحًا في عهد الخليفة أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-، واشتهرت بالعديد من المواقف التي تُبيّن شجاعتها وبأسها الشديد.[٦] وكانت خولة بنت الأزور ترتدي لباس الفروسية وتخرج في المعارك لقتال الأعداء، وهي التي زعزعت كتائب الروم، وحطّمت مواكبهم، واخترقت صفوفهم، وهي التي جعلت خالد بن الوليد -رضي الله عنه- الذي عُرف بفروسيته وبأسه يتعجّب من شجاعتها وقوتها.[٦] زبيدة بنت جعفر هيزُبيدة بنت جعفر بن الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، كانت تُكنّى بأم جعفر، وهي زوجة الخليفة العباسي هارون الرشيد، قامت بالكثير من الأعمال الخيرية، وكان لها دورٌ كبيرٌ في التاريخ الإسلامي، وقد عُرفت زبيدة بكثرة إحسانها وتقديمها لأعمال الخير. حيث أنشأت العديد من المنشآت والمباني؛ منها عين زبيدة في مكة المكرمة التي أوصلت الماء إليه من وادي النعمان، وكانت قد مهّدت الطريق المؤدّي للحج من العراق وحتى بلاد الحجاز، كما قامت ببناء العديد من المرافق، ونشرت الآبار وبرك المياه بكل مكان، وغيرها الكثير من أعمال البر والخير.[٧] فاطمة الفهري هي امرأة صالحة، واسمها فاطمة بنت محمد الفهري القيرواني، وتكنّى بأمّ القاسم، كانت قد حضرت مع الوفود التي جاءت إلى جامع القرويين في عهد الإمام إدريس، وكان لديها الكثير من المال الذي قررت إنفاقه في الأعمال الخيريّة.[٨] وقد قامت بشراء أرض وبنت فيها مسجدًا في شهر رمضان المبارك، وجعلت بداخله بئرًا، وقد لزمت الصيام خلال فترة بنائه، وحين انتهت منه صلّت ركعتيّ شكرٍ لله -تعالى- على توفيقها في أمرها، وإعانتها عليه.[٨]