تاريخ المغول
يعود أصل المغول إلى هضبة منغوليا في صحراء غوبي الواقعة على أطراف بلاد الصّين الشّماليّة، وقد كانت قبائل المغول تعيش جنباً إلى جنب مع قبائل أخرى وكان فيما بينها صراع وقتال وخصوصاً مع التّتار، وقد كانت هذه القبائل جميعها تعبد الكواكب والأوثان كما كانت ديانة الشّامانية منتشرة فيما بينهم وهذه الدّيانة تُقدس أرواح الأجداد وتُقدم الحيوانات المفترسة كقرابين، وعلى الرّغم من الصّراع القائم بين القبائل إلّا أنّهم استطاعوا التّوحد وتأسيس أكبر إمبراطوريّة في التّاريخ وفي مدّة قصيرة، وقد امتدت الإمبراطوريّة المغوليّة من سيبيريا وبحر البلطيق شمالاً إلى حدود الجزيرة العربيّة الشّماليّة وبلاد الشّام وفلسطين جنوباً، ومن الجزر اليابانيّة والمحيط الهادئ من الشّرق إلى وسط القارّة الأوروبيّة من الغرب.[١][٢] يَذكر المؤرخون أنّ المغول كانوا ينقسمون إلى ستة قبائل رئيسيّة وهذه القبائل وهي:
قبيلة القيات الصّغيرة الّتي جاء منها جنكيز خان، وقد كانوا يعيشون في جبال قراقورم وشواطئ الشّعب العليا. قبيلة الأويرات وهي قبيلة كثيرة العدد كانت تقيم في المنطقة الواقعة بين بحيرة بايكال ونهر أونن. قبيلة النّايمان وهي من قبائل الأتراك الّذين كانوا يغلب عليهم الطّابع المغولي وكانوا يقيمون في أقاصي الغرب. قبيلة الكراييت وهي أقوى القبائل المغولية في الفترة الممتدة من القرن الخامس وحتى السّادس للهجرة، وكانت تعيش في جنوب بحيرة البايكال والواحات الشّرقية من صحراء غوبي. قبيلة الماركييت الّتي كانت تمتلك جيشاً جباراً وقوياً، وكانت تعيش في شمال بلاد الكراييت. قبائل التتار الّتي تُعرف ببطشها وجبروتها إضافة إلى أنّها كانت أكثر قبائل المغول رفاهيّة. تأسيس دولة المغول كانت القبائل المغوليّة في حالة مضطربة وهمجيّة ومع هذا الاضطراب كان هنالك محاولات لتوحيدها إلا أنّ هذه المحاولات كانت غير ناجحة، ويَذكر المؤرخون أن جد المغول (بدانتسار) استطاع الوصول إلى زعامة القبيلة بدهائه كما استطاع ابنه (قيدو) أن يزيد من رعاياه وأن يتخذ لنفسه لقب خان وهنا كانت بداية تأسيس مملكة المغول. بعد أن وصل جنكيز خان إلى حكم المغول استطاع توسيع امبراطوريّته وقام بتقسيمها بين أبنائه (من زوجته الأولى) وهذا الأمر كان ينص عليه اليساق (تشريع المغول)، فكانت روسيا، والقوقاز، وخوارزم، وكذلك بلغار (مدينة قازان في روسيا) وكل ما يمكن ضمّه من الجهة الغربيّة تحت سيطرة ابنه الأكبر جوجي، أما ابنه جغطاي فقد كانت تركستان الغربية وبلاد الأويغور (ولاية كانسو في الصّين) وكذلك بلاد ما وراء النّهر تحت سيطرته، وكانت خراسان وفارس وكل منطقة يمكن ضمّها من بلاد العرب وآسيا الصّغرى تحت سيطرة ابنه تولوي، أما ابنه أوغطاي فقد أعطاه بلاد المغول والخطا (تركستان الشّرقيّة) والصّين وكل ما يمكن ضمّه من الجهة الشّرقيّة.[٢] المغول والمسلمين بعد أن استقرت أحوال الإمبراطوريّة المغوليّة الدّخليّة بدأ جنكيز خان بالانتقام من أعدائه الّذين هربوا منه ثمّ كان له لقاء بالقوى الإسلاميّة وخصوصاً الدولة الخوارزميّة الّتي اتسعت بشكل كبير في عهد علاء الدين خوارزم شاه، وقد تمكن جنكيز خان من تخريب الدولة الخوارزميّة والقضاء على جيوشها وسلطانها وسكانها، وفي أثناء غزوه للشرق الإسلامي قام جنكيز خان بتعذيب المسلمين بشتى الطّرق ودمر كل مايصادفه في بلاد المسلمين. بعد وفاة جنكيز خان انقسمت الدّولة إلى أربعة أقسام وبدأ الإسلام بالانتشار فيها، فاعتنق العديد من المغول الإسلام ويُعتبر بركة خان أول أمير مغولي يدخل في الإسلام وهو في ذلك الوقت كان رئيساً للقبيلة الذّهبية في روسيا، وكان بركة خان على علاقة جيّدة مع ركن الدين الظّاهر بيبرس حيث كان على حلف معه، إنّ دخول المغول في الإسلام جعلهم يتحولون بشكل مفاجئ من شعوب تسفك الدماء إلى شعوب إنسانيّة محبّة للخير.[٣] حملات المغول على المسلمين في عام 651 للهجرة أُرسل هولاكو إلى إيران لمحاربة الإسماعيليّة فيها وكذلك للقضاء على دولة العباسيين في بغداد، وقد قام القان منكو بتهيئة أخيه هولاكو بشكل دقيق من أجل هذه المهمة وأمده بالجنود البارعين في رمي السّهام واستخدام المنجنيق وقاذفات النّفط وقد كان عدد جيش المغول مئة وعشرين ألفاً، فتوجه هولاكو مباشرة نحو إيران وأخضعها لسلطانه عام 653 للهجرة كما استطاع الوصول إلى قلعة ألموت وفتحها وعسكر في همدان حتّى يكون قريباً من بغداد تمهيداً لفتحها. انتقل هولاكو نحو بغداد للقضاء على العباسيين عام 656 للهجرة، واستطاع إخضاع بغداد بعد أربعين يوماً من القتل والتّخريب فيها، حيث قتل المستعصم بالله خليفة العباسيين وآل بيته ولم ينج من هذا الغزو إلا عدد قليل من المسلمين، وبعد أن سيطر هولاكو على بغداد توجه نحو الشّام وفي طريقه نحو الشّم قَتل الملك الكامل محمد المظفر صاحب ميافارقين في ديار بكر وحمل رأسه على رمح لأنّه رفض الإستسلام له، كما دخل هولاكو حلب عام 658 للهجرة وقتل أهلها وسقطت كلٌّ من دمشق وغزة والخليل واستطاعت جيوش المغول سبي النّساء والأطفال وأخذ العديد من الغنائم من أثاث وأبقار وكذلك أغنام. معركة عين جالوت بعد سيطرة المغول على غزة والشّام أَعد المماليك خطّة للتخلص من الغزو المغولي فكان هدفهم الأول استعادة غزة، لذا اهتم المماليك بتسليح جيشهم وتنظيمه فقُسِّم جيش المسلمين إلى مجموعات تضم كل مجموعة 400 جندي، ومع هذه التّرتيبات للجيش التقى جيش المسلمين بالمغول وكان لهم الغلبة فبدأ المغول بالإنسحاب والهروب من المعركة، إلا أنّ جيش المسلمين بقيادة بيبرس لاحقوا المغول حتّى وصلوا إلى منطقة عين جالوت (كان فيها مدد للمغول) وهي المنطقة التي حدثت فيها المعركة الحاسمة التي سحقت المغول، فتمكن الظّاهر بيبرس من تخليص الشّام من المغول بسهولة وبعد هذه المعركة توقف زحف المغول في أنحاء العالم، شمال إفريقيا وأوروبا وكذلك المغرب.[٤]