أشهر الاغتيالات السياسية في التاريخ الحديث
شهد العالم عبر التاريخ العديد من عمليات وحوادث الاغتيال السياسي لأسباب متباينة وتسبب بعضها باندلاع أزمات وحروب مدمرة وبعضها غيرت مجرى التاريخ. وفيما يلي نعرض بعض أهم الاغتيالات التي جرت في القرن الماضي والحالي وخاصة في منطقة الشرق الأوسط.
المهاتما غاندي
في مساء يوم 30 يناير/كانون الثاني 1948، أطلق ناثورام فيناياك غودسي ثلاث رصاصات من مسافة قريبة على المهاتما غاندي، وأرداه قتيلا بينما كان الزعيم الذي يوصف بالأب الروحي للهند، خارجا من اجتماع للصلاة في العاصمة دلهي.
وكان غودسي، الهندوسي المتعصب البالغ من العمر 38 عاما، والعضو في منظمة هندو ماهاسابها الهندوسية، وهي حزب يميني قومي هندوسي متعصب، قد اتهم غاندي بخيانة الهندوس بسبب احترامه حقوق الأقلية المسلمة وموقفه التصالحي تجاه باكستان.
وحكمت المحكمة على غودسي بالإعدام بعد عام من اغتياله المهاتما غاندي. وأُعدم شنقا في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1949، بعد أن حصل الحكم على تأييد المحكمة العليا. كما حكم على نارايان أبتي الذي ساعد غودسي، بالإعدام أيضا، وعلى ستة آخرين بالسجن مدى الحياة.
سبع لحظات فارقة في حياة المهاتما غاندي "المتمرد" الذي تحدى الاستعمار البريطاني
جون كينيدي
يعتبر اغتيال الرئيس الأمريكي جي إف كينيدي عام 1963 من أشهر حوادث الاغتيال السياسي عبر التاريخ ولا يزال الغموض يلف ملابسات ودوافع اغتياله.
في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 1963، أُغتيل كينيدي برصاص بندقية أثناء مرور موكبه في مدينة دالاس. وكان يركب سيارة مكشوفة برفقة زوجته جاكلين وحاكم ولاية تكساس جون كونالي. وقد أصيب حاكم تكساس، الذى كان جالساً أمام الرئيس، بجروح.
قاتل روبرت كينيدي قد يحصل على إفراج مشروط
واعتقل لي هارفي أوزولد في دالاس يوم إطلاق النار واتهم باغتيال الرئيس، لكنه نفى التهم التي وجهت له مدعيا أنه "مجرد شخص ساذج".
وفي 24 نوفمبر/ تشرين الثاني، قُتل أوزولد بالرصاص في قبو قسم شرطة دالاس على يد جاك روبي، صاحب ملهى ليلي محلي.
وجاء في تقرير نشر في سبتمبر/ أيلول 1964، إن لي هارفي أوزولد أطلق النار على موكب الرئيس من مبنى مستودع الكتب المدرسية في تكساس. وقالت اللجنة التي اعدت التقرير إنه "لا يوجد دليل على أن لي هارفي أوزولد أو جاك روبي كانا جزءا من أي مؤامرة محلية أو أجنبية".
لكن تقريراً أعدته لجنة التحقيق في الاغتيالات التابعة لمجلس النواب عام 1979 خلص إلى "احتمال كبير" بوجود مسلحين نفذا الاغتيال.
الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود
في 25 مارس/ آذار 1975 قتل ثالث ملوك المملكة العربية السعودية فيصل بن عبد العزيز آل سعود على يد ابن شقيقه الأمير فيصل بن مساعد بإطلاق النار عليه داخل القصر في حادث لا يزال يحيط به بعض الغموض.
وُلد الملك فيصل في الرياض في عام 1906 وتولى الحكم من عام 1964 إلى عام 1975، وكان شخصية مؤثرة في العالم العربي.
وكان فيصل أكثر نشاطا وتحديثا من سابقيه في البرامج الاقتصادية والتعليمية. وعلاوة على ذلك، جعلت إصلاحاته البيروقراطية المالية العامة للدولة وعملياتها أكثر كفاءة، بينما سمح تدخل الدولة في أرامكو بمزيد من الإشراف والنفوذ على موارد النفط في البلاد. كما شهدت الشؤون الخارجية في عهده انتهاج السعودية سياسة أكثر حزما في المنطقة، إذ تحدى الهيمنة الإقليمية التي طالما احتفظت بها مصر.
اما فيصل بن مساعد الذي وُلد في 1944 فقد تم ضرب عنقه 1975 بعد صدور حكم باعدامه.
والد فيصل هو الأمير مساعد بن عبد العزيز ووالدته هي وطفة، ابنة محمد بن طلال، آخر أمراء آل الرشيد والذين قضى آل سعود على حكمهم في حائل.
ودرس فيصل في الولايات المتحدة حيث التحق بجامعة كولورادو وجامعة كاليفورنيا في بيركلي ووصفه زملاء الدراسة الجامعية بأنه "شاب هادئ".
وبعد الاغتيال، وصفه البروفيسور إدوارد روزيك الأستاذ في جامعة كولورادو بأنه "طالب متوسط من الناحية الأكاديمية" وأن دافعه لذلك الاغتيال "لا بد أن يكون المخدرات".
فقد ألقي القبض عليه في عام 1970 في بولدر بكولورادو لبيعه عقار إل إس دي والحشيش، وقد أسقط المدعي العام التهم عنه لاحقا.
هل كانت "المخدرات" وراء مقتل ملك سعودي؟
الرئيس المصري أنور السادات
في السادس من أكتوبر/تشرين الأول 1981 أطلق خالد الإسلامبولي الرصاص على الرئيس المصري أنور السادات خلال العرض العسكري المقام بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 مع إسرائيل، ليسقط الرئيس قتيلا وسط جنوده وقادة جيشه وأركان نظامه.
وفي تحقيقات النيابة بعد الاغتيال، قال المتهم الأول عضو تنظيم "الجماعة الاسلامية" المتطرفة خالد الإسلامبولي عندما سُئل عن سبب قتله للسادات إن "القوانين التي يجري بها الحكم في البلاد لا تتفق مع تعاليم الإسلام وشرائعه، وبالتالي فإن المسلمين كانوا يعانون كافة صنوف المشقات، كما أن السادات أجرى صلحا مع اليهود، واعتقل علماء المسلمين وأهانهم".
تولي السادات الحكم في أعقاب وفاة الرئيس جمال عبد الناصر عام 1970.
وخاض حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 ضد اسرائيل بالتعاون مع سوريا رغم أنه قام بطرد الخبراء السوفييت الذين كانوا يقدمون المشورة العسكرية للجيش المصري.
وفي عام 1977 قام بزيارة تاريخية إلى إسرائيل لفتح صفحة جديدة معها وسط إدانة وغضب الحكومات العربية. وبعد جولات مفاوضات عديدة برعاية أمريكية تم التوصل إلى اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل عام 1978 وفي نفس العام حصل مع رئيس وزراء إسرائيل حينذاك مناحيم بيغين على جائزة نوبل للسلام.
وفي مارس/ آذار 1979 تم التوصل إلى اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل، وكانت أول معاهدة تعقد بين دولة عربية وإسرائيل.
اغتيال السادات " حال دون وقوع حدث غير مسبوق في تاريخ مصر الحديث"
وثائق تكشف أسرارا غير مسبوقة عن زيارة السادات التاريخية للقدس
أنديرا غاندي
في 31 أكتوبر/تشرين الأول من عام 1984، وبينما كانت رئيسة وزراء الهند أنديرا غاندي في طريقها لمقابلة الممثل البريطاني بيتر أوستينوف الذي كان يصور فيلماً وثائقياً للتلفزيون الأيرلندي اغتيلت "سيدة الهند الحديدية" في حديقة منزل رئيس الوزراء بنيودلهي.
وجرت عملية الاغتيال في أعقاب "عملية النجمة الزرقاء" التي نفذها الجيش الهندي بأمر من غاندي في يونيو/حزيران 1984 لتدمير معبد السيخ الذهبي ومقتل المئات من أبناء الديانة السيخية. وقام اثنان من حراسها الشخصيين من السيخ، هما ساتوانت سينغ وبينت سينغ، بإطلاق أكثر من 30 رصاصة عليها من مسافة قريبة.
بعد اغتيالها خَلَفَها ابنها راجيف غاندي في رئاسة الوزراء بعد أن رشحه قادة حزب المؤتمر الوطني الهندي ليكون ممثلهم في الانتخابات المقبلة التي حسمها بفارق كبير جداً لكن مصيره لم يكن أفضل من والدته حيث اغتيل هو أيضا عام 1991 في تفجير حزام ناسف كانت تحمله إحدى عضوات "نمور التاميل" احتجاجا على دعم الجيش الهندي للحكومة السريلانكية في حربها ضد "نمور التاميل".
محمد بوضياف
في 29 يونيو/ حزيران 1992 كان الرئيس الجزائري الأسبق محمد بوضياف يلقي خطاباً في قاعة المركز الثقافي بمدينة عنابة (شرقي البلاد)، وينُقل مباشرة على الهواء. سُمع دوي إطلاق الرصاص وتوارى كل من بالقاعة مختبئاً تحت مقعده، وبعدها قُطع البث. بعد ساعات قليلة أعلن عن مقتل محمد بوضياف.
كان أحد الوجوه التاريخية للثورة الجزائرية ضدَّ الاستعمار الفرنسي، وأحد مؤسسي جبهة التحرير الوطني. اختلف مع الرئيس السابق أحمد بن بلة غداة الاستقلال عام 1963، فسُجن ثم حكم عليه بالإعدام لنشاطه السياسي فاختار مغادرة البلاد واستقرَ في المغرب نحو ثلاثة عقود، ثم عاد ليتولى رئاسة البلاد عام 1992 حين كانت البلاد تعيش في أتون أزمة سياسية فجّرها إلغاءُ الجيش نتائج أول انتخابات تشريعية تعددية بعد فوز كاسح للجبهة الإسلامية للإنقاذ في شوطها الأول الذي جرى 26 ديسمبر/كانون الأول 1991، ودخلت البلاد جراء ذلك في ما عُرف بـ"العشرية السوداء".
عقب قضائه 166 يوما فقط في الحكم، اغتيل بوضياف بنيران حارسه الجندي مبارك بومعرافي. ولا يزال الغموض يحيط بملابسات ودوافع والجهات التي تقف وراء اغتيال بوضياف.
رفيق الحريري
كان اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق، رفيق الحريري، في 14 شباط/ فبراير 2005 لحظة تحول كبري في تاريخ لبنان إذ فجر احتجاجات شعبية أفضت إلى إنهاء الوجود العسكري السوري الذي دام هناك 29 عاما، وأفرز تحالفات سياسية استمر بعضها حتى وقتنا الحالي.
ويرجع كثيرون للحريري الفضل في نهوض لبنان بعد حرب أهلية استمرت 15 عاما، ولذلك ظل قوة مؤثرة في المشهد السياسي اللبناني حتى بعد وفاته.
ولد الحريري عام 1944 لأسرة سنية في صيدا وكان والده يعمل مزارعا. درس المحاسبةفي لبنان ثم سافر إلى السعودية عام 1966 حيث عمل هناك مدرساً للرياضيات ومحاسباً في شركة للمقاولات.
وفي عام 1970 أسس شركة مقاولات لعبت دوراً بارزاً في عمليات الإعمار داخل المملكة وامتد نشاطها إلى الخارج. وارتبط الحريري بعلاقات وثيقة بالعائلة المالكة السعودية ومُنح الجنسية السعودية عام 1979.
لقي الحريري مصرعه في انفجار شاحنة محملة بالمتفجرات لدى مرور سيارته قرب فندق سان جورج ببيروت أثناء عودته من جلسة برلمانية.
ودأب كل من حزب الله والحكومة السورية على نفي أي تورط لهما في تدبير عملية الإغتيال التي أسفرت كذلك عن مقتل 21 شخصا من بينهم حراس الحريري وبعض المارة ووزير الاقتصاد السابق باسل فليحان، وإصابة أكثر من 220 آخرين.
وفي عام 2007 أنشأت الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية المحكمة الخاصة بلبنان في لاهاي بهولندا، للتحقيق في عملية اغتيال الحريري وحوادث قتل سياسية أخرى وقعت في الفترة التي تلتها. وقد وجهت المحكمة الدولية الاتهامات لأربعة أعضاء في حزب الله.
من هو رفيق الحريري؟
بنظير بوتو
قتلت رئيس وزراء باكستان السابقة بنظير بوتو في تفجير انتحاري وإطلاق نار خلال تجمع انتخابي لحزب الشعب الذي كانت تتزعمه بوتو في مدينة راولبندي في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2007.
ارتبط اسم السياسية الشابة بنظير بوتو يوما ما بالتحديث والديمقراطية، لكن هذا كله توارى ليصبح اسمها مرتبطا بالفساد والثروة الفاحشة.
وتنحدر بوتو من عائلة سياسية شهيرة في باكستان، حيث احتل والد بنظير، ذو الفقار علي بوتو، منصب رئيس وزراء باكستان في أوائل السبعينات، فكانت حكومته إحدى الحكومات القلائل التي لم يرأسها عسكري في العقود الثلاثة التي أعقبت الاستقلال.
وقد ولدت بنظير بوتو في إقليم السند عام 1953 وتلقت تعليمها في جامعتي أكسفورد ببريطانيا وهارفارد بالولايات المتحدة، واستمدت مصداقيتها كسياسية من تراث والدها.
شغلت بوتو منصب رئيسة وزراء باكستان مرتين، ما بين عامي 1988 و1990، و ما بين عامي 1993و1996.
وفي كل مرة كانت تُعزل من منصبها من قبل رئيس البلاد بعد اتهامها بالفساد.
والإقالتان كانتا مجرد مرحلتين في حياة بوتو السياسية التي مرت بالعديد من حالات المد والجزر.
فقد كانت فور انتخابها لأول مرة في قمة شعبيتها وإحدى أشهر القيادات النسائية في العالم.
وغادرت بوتو باكستان عام 1999 إلى الإمارات العربية المتحدة بعد إدانتها بعدم المثول أمام القضاء بينما ظل زوجها آصف علي زرداري قيد الاعتقال بتهم فساد.
وبعد ثمانية اعوام من المنفى الاختياري عادت إلى بلادها في أكتوبر/ تشرين الثاني من عام 2007 حيث لقيت استقبالا حاشدا في مطار كراتشي وسط فوضى عارمة وفجر انتحاري نفسه ليقتل العديد من أنصار بوتو.
إسحق رابين
في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1995 بينما كان رئيس الحكومة الإسرائيلية يشارك في مسيرة مؤيدة للسلام مع الفلسطينيين في حيفا اقترب اليهودي المتطرف يغال عامير منه وأطلق عليه النار ليقتله.
وكان رابين المولود في القدس عام 1922 قد بدأ مسيرته السياسية بالانضمام إلى قوات الهاغانا عام 1941.
وشارك في المعارك ضد الجيش المصري عام 1948 في النقب. وفي عام 1953 تخرج من كلية الأركان العسكرية في بريطانيا وعاد إلى صفوف الجيش الإسرائيلي ليتولى رئاسة الأركان عام 1964.
وحققت إسرائيل انتصارا كبيرا في حرب يونيو/ حزيران 1967 وبات رابين بطلا قومياً في اسرائيل وبعدها بعام ترك العمل العسكري ليصبح سفير إسرائيل في الولايات المتحدة.
وعاد عام 1973 إلى إسرائيل لينخرط في العمل السياسي وانتخب نائبا في الكنيست الاسرائيلي عن حزب العمل بزعامة غولدا مائيير التي استقالت عام 1974 ليتولى رابين زعامة الحزب ورئاسة الحكومة خلفا لها.
وتولى رابين رئاسة عدة حكومات إسرائيلية وكان هدفا لهجمات اليمين الإسرائيلي المتطرف بسبب إبرامه اتفاقيات أوسلو مع السلطة الفلسطينية عام 1993.