قصة هاروت وماروت الحقيقية كاملة ومن هم وأقوال العلماء فيهم للكبار والأطفال
الملكين هاروت وماروت ذكروا في القرآن الكريم في سورة البقرة وإرتبط إسم هاروت وماروت بالسحر واختلفت فية الأقوال والمفهوم من الآيات الكريمات لذلك كان يجب علينا توضيح الحقائق ودفع الإفتراء علي الملكين الكريمين وتوضيح القصة الحقيقية للملكين كاملة ولماذا أرسل الله - سبحانة وتعالي - الملكين وفي هذا الوقت بالتحديد .
قصة هاروت وماروت الحقيقية كاملة
نبدأ أولا بذكر الآيات من سورة البقرة التي ذكر فيها خبر الملكين الكريمين هاروت وماروت قبل سرد القصة الحقيقية لهم حيث يقول الله - سبحانة وتعالي - في كتابة العزيز :
{ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102) }
بدأت القصة في مدينة بابل في العراق وفي هذا الوقت كانت بابل تمتلك حضارة وتقدم كبير بالإضافة للعلم الغزير والثقافة المتنوعة وكانت تمتلك الأبنية الفخمة والعظيمة هذا غير الجنان والحدائق المعلقة والتي أصبحت بعد ذلك من عجائب الدنيا السبع ولكن رغم هذا التقدم وما أنعم الله بة عليهم في كل شئ الا أن السحر كان منتشر جدا بها .
ففي هذا الوقت كانت الحضارات الموجودة منتشر بها السهر مثل الحضارة المصرية والفارسية والكنعانية وغيرهم حيث قامت الشياطين بتعليم الناس السحر لكي يكفروا بربهم - سبحانة وتعالي - وابعاد الناس عن طريق الحق لذلك كانت لديهم العديد من طرق وأسرار السحر بجميع ألوانة .
ومضت الأيام حتى بعث الله سيدنا سليمان بن داوود - عليهما السلام - وفي عهد سيدنا سليمان لم يتجرأ أحد من الإنس أو الجن أن يقوموا بالسحر إذ سخر الله لسيدنا سليمان الجن والانس والطير والرياح وكانت كلها طوع أمرة حتى مردة الجن كانت لا تستطيع أن تعصي له أمرا .
وفي خلال هذة الفترة كان سيدنا سليمان لة كتبة يدونون ما يتعلموة منة من العلوم الشرعية والربانة وكانت هذة الكتب يتم وضعها تحت كرسي سليمان حيث لا يستطيع أحد الاقتراب منها أو لمسها .
وبعد موت سيدنا سليمان وبعد أن أثبت الله للجن عجزهم وعدم معرفتهم الغيب في آية موتة - علية السلام - ومع كرههم ومقتهم الشديد لسيدنا سليمان قامت الشياطين بخطة للتشوية والكذب علي سيدنا سليمان ولإضلال الناس والمؤمنين بة فقاموا باستخراج الكتب من تحت العرش وقاموا بتحريفها وادخال السحر بها وادعوا أن سيدنا سليمان كان ساحرا وليس نبيا وبالفعل نجحوا بنسبة كبيرة في خطتهم وضل عدد كبير من ضعاف الإيمان وصدقوا أن سيدنا سليمان كان ساحرا .
وبعد هذة الفترة امتهن بنوا اسرائيل السحر وانتشر بشكل كبير وتعلموا أسرار السحر وتسخير الجان وتمادوا في كذبهم حتى قالوا ان ما أنزلة الله - سبحانة وتعالي - علي سيدنا سليمان كان السحر .
فأنزل الله تعالي هذة الايات لتبرئة سيدنا سليمان أولا من السحر وبعدها ذكر قصة الملكين هاروت وماروت الذين أرسلهما الله - سبحانة وتعالي - لإخبارهم أن سليمان لم يتعلم السحر وأنة برئ مما ادعتة الشياطين وأعوانهم من شياطين الإنس الذين كفروا بتعليم السحر للناس وممارستة .
إختلاف العلماء هل هاروت وماروت ملكان أم بشران
اختلف العلماء في هذا، والأظهر: أنهما ملكان نزلا ابتلاء وامتحانًا، كما قال الله U: وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ الآية [البقرة:102].
وقال بعض أهل العلم: إنهما ملِكان من بني آدم ابتلي الناس بهما، والقول الأول هو الأظهر، والقراءة على هذا في القول الأول بفتح اللام، وعلى القول الثاني بكسرها .
أقوال أهل العلم والحديث في قصة هاروت وماروت
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :
وكذلك اتبع اليهودُ السحرَ الذي أُنزل على الملَكين ، الكائنين بأرض " بابل " ، من أرض العراق ، أنزل عليهما السحر ؛ امتحاناً وابتلاءً من الله لعباده ، فيعلمانهم السحر .
( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى ) ينصحاه ، و ( يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ ) أي : لا تتعلم السحر فإنه كفر ، فينهيانه عن السحر ، ويخبرانه عن مرتبته .
فتعليم الشياطين للسحر على وجه التدليس ، والإضلال ، ونسبته ، وترويجه ، إلى مَن برَّأه الله منه ، وهو سليمان عليه السلام ، وتعليم الملكين امتحاناً مع نصحهما : لئلا يكون لهم حجة .
فهؤلاء اليهود يتبعون السحر الذي تُعلِّمه الشياطين ، والسحر الذي يعلمه الملكان ، فتركوا علم الأنبياء والمرسلين ، وأقبلوا على علم الشياطين ، وكل يصبو إلى ما يناسبه .
ثم ذكر مفاسد السحر فقال : ( فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ) مع أن محبة الزوجين لا تقاس بمحبة غيرهما ؛ لأن الله قال في حقهما : ( وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) ، وفي هذا دليل على أن السحر له حقيقة ، وأنه يضر بإذن الله ، أي : بإرادة الله ، والإذن نوعان : إذن قدَري ، وهو المتعلق بمشيئة الله ، كما في هذه الآية ، وإذن شرعي ، كما في قوله تعالى في الآية السابقة : ( فَإِنَّهُ نزلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ ) .
وفي هذه الآية وما أشبهها : أن الأسباب مهما بلغت في قوة التأثير : فإنها تابعة للقضاء والقدر ، ليست مستقلة في التأثير ، ولم يخالف في هذا الأصل مِن فِرَق الأمَّة غير " القدرية " في أفعال العباد ، زعموا أنها مستقلة غير تابعة للمشيئة ، فأخرجوها عن قدرة الله ، فخالفوا كتاب الله ، وسنَّة رسوله ، وإجماع الصحابة ، والتابعين .
ثم ذكر أن علم السحر مضرة محضة ، ليس فيه منفعة ، لا دينية ولا دنيوية ، كما يوجد بعض المنافع الدنيوية في بعض المعاصي ، كما قال تعالى في الخمر والميسر : ( قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ) فهذا السحر مضرة محضة ، فليس له داع أصلا ، فالمنهيات كلها إما مضرة محضة ، أو شرها أكبر من خيرها ، كما أن المأمورات إما مصلحة محضة ، أو خيرها أكثر من شرها .
( وَلَقَدْ عَلِمُوا ) أي : اليهود ، ( لَمَنِ اشْتَرَاهُ ) أي : رغب في السحر رغبة المشتري في السلعة : ( مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ) أي : نصيب ، بل هو موجب للعقوبة ، فلم يكن فعلهم إياه جهلاً ، ولكنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة .
( وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) علماً يثمر العمل : ما فعلوه .
" تفسير السعدي " ( ص 61 ) .
وكل ما عدا ظاهر القرآن في حال هذين الملَكين : فهو من الإسرائيليات ، يردها ما ثبت من عصمة الملائكة ، على وجه العموم ، دون ورود استثناء لهذا لأصل العام : ( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) الأنبياء/26-28 .
قال ابن كثير – رحمه الله - :
وقد روي في قصة " هاروت وماروت " عن جماعة من التابعين ، كمجاهد ، والسدي ، والحسن البصري ، وقتادة ، وأبي العالية ، والزهري ، والربيع بن أنس ، ومقاتل بن حيان ، وغيرهم ، وقصها خلق من المفسرين ، من المتقدمين والمتأخرين ، وحاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل ، إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى ، وظاهر سياق القرآن : إجمال القصة من غير بسط ، ولا إطناب فيها ، فنحن نؤمن بما ورد في القرآن ، على ما أراده الله تعالى ، والله أعلم بحقيقة الحال .